يبدو أن إدارة أوباما لديها بعض الأخبار السيئة لكل من كان يأمل في أن يؤدي اتفاق نووي مع إيران إلى منع حكومة طهران من زعزعة استقرار الشرق الأوسط أو الإفراج عن سجنائها السياسيين، لأن الأمر يتعلق بمجرد اتفاق حول الحد من التسلح. فبموازاة مع تسرب مقترح اتفاق من مفاوضات جنيف يوم الاثنين، أخبرنا مسؤولو الإدارة الأميركية بأنهم سيطلبون من العالم الحكم على أي اتفاق نووي نهائي انطلاقاً من الجوانب الفنية فقط، وليس انطلاقاً مما إن كان الاتفاق سيفضي إلى إصلاح إيراني. فهذه ماري هارف، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تقول: «إن الاعتبار الوحيد الذي يحكم تفاصيل أي اتفاق شامل مع إيران هو كيف نصل إلى سنة واحدة كفترة لازمة لتحول إيران إلى إنتاج يورانيوم يصلح لصنع سلاح نووي، وقطع الطرق الثلاثة لإمكانية حصول إيران على ما يكفي من المواد لصنع سلاح نووي، نقطة»، مضيفةً: «وفي حال توصلنا إلى اتفاق، فإن ذلك سيكون هو الأساس الذي ينبغي للناس أن يحكموا علينا وفق جوانبه الفنية، وليس أي شيء آخر». وحينما سئلت ما إن كانت وزارة الخارجية الأميركية ستناقش إيجابيات أي اتفاق عبر القول إن من شأنه مساعدة الرئيس الإيراني حسن روحاني في مواجهة المتشددين في بلاده وبالتالي تشجيع الإصلاحات، قالت هارف: «هذا أمر سخيف تماماً». لكن ذلك الكلام بعيد كل البعد عن التطلعات الكبيرة التي عبّر عنها أوباما عام 2009، عندما أعلن نيته في التعامل مع إيران، حيث قال في كلمة وجهها للشعب الإيراني بمناسبة رأس السنة الفارسية، إنه يرغب في أن «تأخذ جمهورية إيران الإسلامية المكانة التي تستحقها بين الأمم». وقتئذ، كان العديد من أنصار التعامل مع إيران يحاججون بأن الاتفاق النووي يمكن أن يساعد على تعديل سلوك إيران، بيد أن هذه الأخيرة رفضت يد أوباما الممدودة. فبعد بضعة أشهر على خطاب الرئيس، قام النظام الإيراني باعتقالات واسعة في صفوف من احتجوا على الانتخابات الرئاسية التي قالوا إن نتائجها مزورة. وفي 2011، دعمت إيران الدكتاتور السوري بشار الأسد عندما أعلن الحرب على شعبه باستعمال البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية. والآن تبدو بصمات إيران واضحة على إسقاط الحكومة اليمنية الموالية للولايات المتحدة وإطلاق الميليشيات الشيعية العنيفة في العراق. وبالنظر إلى هذا السجل، فمن السهل فهم لماذا ستركز إدارة أوباما الآن على إيجابيات حظر الانتشار النووي فقط في أي اتفاق مع إيران. وقد أخبرنا مسؤول رفيع بأن حجج البيت الأبيض لا تشير إلى «تقارب واسع» مع إيران، وأنها تؤكد أن أي اتفاق لن يقلل مخاوفنا بشأن سياسات إيران الإقليمية. غير أن العديد من حلفاء البيت الأبيض سيقدمون حججاً مختلفة للدفاع عن أي اتفاق مع إيران، في حال بدأت ملامح اتفاق تظهر. فقد أخبرنا العديد من هؤلاء الأنصار يوم الاثنين أن إحدى مزايا أي اتفاق مع إيران تتمثل في أن أي رفع تدريجي للعقوبات، إلى جانب تراجع في مشاعر العداء بين إيران والبلد الذي يصفه قادتها بـ«الشيطان الأكبر»، يمكن أن يساعدا المعتدلين في البلاد ويؤدي مع الوقت إلى إصلاحات في أكبر دولة كانت متهمة برعاية الإرهاب. وقد تكون تلك حجة قوية تأييداً لاتفاق من المحتمل أن يواجه معارضة معتبرة من الجمهوريين، بل وحتى الديمقراطيين، الذين يخشون أن يسمح مبعوثو أوباما لإيران بالاحتفاظ بأكثر مما ينبغي من البنية التحتية اللازمة لإنتاج يوارنيوم يصلح للأغراض العسكرية وصنع أسلحة. ويقول جو سيرينسيون، رئيس صندوق «بلاوشيرز» وعضو المجلس الاستشاري للأمن الدولي التابع لوزارة الخارجية الأميركية: «إن المرء يأمل أن يفضي هذا الاتفاق إلى تغييرات في سلوك النظام الإيراني، بل تغييرات في النظام الإيراني نفسه»، مضيفاً: «إن أي شخص يعمل في مجال الأمن الوطني لأكثر من خمس سنوات يدرك أنه لا توجد ضمانات، لكن ثمة احتمالاً كبيراً لأن يُضعف الاتفاق المتشددين في إيران ويسمح لروحاني بالمضي قدماً في الإصلاحات الاجتماعية التي كان يتحدث عنها». ----------- إيلاي لايك وجوش روجن، محللان سياسيان أميركيان ------------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»