هل من الممكن أن يعتقد شخص عاقل أن الرئيس أوباما لا يحب أميركا؟ حسناً، لقد واجه عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني انتقادات عنيفة لقوله ذلك، ولكنه أيضاً ليس مجنوناً. بل عادة ما تكون أفكاره مرتبة، فهو أحد قادة الحزب الجمهوري ورأيه من الأهمية بمكان. ويعني ذلك أن تصريحاته لن تساعد في سياق الانتخابات الحالي، ومهاجمة أوباما بشكل عام تتناقض مع رسالة الجمهوريين الذين يودون الفوز في انتخابات عام 2016، ولكن جيولياني يعتقد أن له كل الحق في أن يعبر عن رأيه. وفي حين يمكن تخيل بيل كلينتون وحتى جورج بوش تغرورق أعينهما بالدموع في عرض «الرابع من يوليو» العسكري الشهير، بينما يلوح المحاربون القدامى، من الصعب تخيل أوباما في موقف مماثل، ذلك أن لديه نمطاً عقلياً هادئاً ومتحفظاً يجعله بعيداً بدرجة ما، ويجعل بعض الناس يتساءلون عن مشاعره عندما يواجه محفزات تقليدية تشعل القلوب وتؤدي إلى ردود أفعال عاطفية ووطنية كلاسيكية يحسبها المرء مشاعر مخضبة بالرومانسية في حب الوطن. ولكن فيما وراء العموميات حول النمط والشخصية، تجعل سياسات أوباما وتصريحاته وسلوكه بشكل عام في المنصب، البعض يعتقدون أنه غير راض عن الولايات المتحدة وصورتها. ومنذ البداية، أظهرت طريقة أوباما المواربة في إدارة شؤون السياسة الخارجية أن ثمة شيئاً ما خاطئاً بشأن الموقع الذي يراه للولايات المتحدة في العالم. وقد بدا هذا الأمر منذ حملته الانتخابية في عام 2008، إذ أكد أنه سيوافق على لقاء غير مشروط مع أعداء أميركا، بما في ذلك رؤساء فنزويلا وإيران وكوريا الشمالية. وهذه الرغبة في التسوية مع أعداء واشنطن، وفي بعض الأحيان تجاهل الأصدقاء القدامى، ظل نموذجاً مستمراً ومثيراً للغضب في إدارته منذ أن تم انتخابه وحتى الوقت الراهن. ولعل مما عزز فكرة أن أوباما يسارع إلى فتح الطريق أمام أعداء أميركا اعترافه مؤخراً بعدونا التقليدي كوبا، من دون الحصول على أي شيء في المقابل، وتخاذله أمام عدو تقليدي آخر هو روسيا، التي تسخر من محادثات السلام وتتدخل في دولة ترغب في مساعدة واشنطن. وعلاوة على ذلك، يتجاهل أوباما عدداً من أفضل مسؤولي السياسة الخارجية الأميركيين حنكة في التعامل مع إيران، تلك الدولة التي يعتقد كثيرون في الغرب أنها ترغب في الحصول على أسلحة نووية لاستخدامها ضد إسرائيل والولايات المتحدة. وموقف أوباما من حجم البنية التحتية للأسلحة التي سيسمح لإيران بامتلاكها يجعل فرائس أي شخص يحب أميركا ترتعد خوفاً على واشنطن وحلفائها. ويجعل الجميع يتساءلون عن التزام الرئيس بضمان أن إيران لن تمتلك أبداً أسلحة نووية. ---------- إد روجرز، محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»