بينما يستعد مجلس الشيوخ الأميركي للتصويت للمرة الرابعة على مشروع قانون لتمويل وزارة الأمن الداخلي، ولإسقاط الأمر الرئاسي الذي أصدره أوباما بشأن الهجرة، لا أستطيع سوى تذكر قصة قديمة حول حاملة الطائرات. فحسب القصة، غير الحقيقية طبعاً، فإن قبطاناً يقود سفينة أميركية سعى إلى تجنب اصطدام متوقع مع جسم غير محدد يقترب منه، وذلك بإرسال إشارة تطالب بتنحي الجسم عن الطريق، لكن الرد القادم من الطرف الآخر كان أن السفينة هي من تحتاج لتغيير اتجاهها. ومع تعنت قبطان السفينية ورفضه التزحزح، أجاب الطرف الآخر بأنه عبارة عن منارة تساعد البحارين والسفن، وإذا أراد تفادي الاصطدام فعلاً لا مناص له من تغيير الاتجاه. هذه القصة تشبه إلى حد كبير ما يجري حالياً في الكونجرس، وبالتحديد موقف زعيم الأغلبية الجمهورية، جون بينر، المتعنت إزاء تمويل وزارة الأمن الداخلي، حيث يبدو العضو الوحيد الذي يصر على مواجهة مجلس الشيوخ برمته، رافضاً مراجعة رأيه. لكن في غضون ذلك كان للمعارضة الديمقراطية في مجلس الشيوخ، والرافضة للتعديلات، التي اقترحها الجمهوريون في مجلس النواب على قانون الهجرة الذي أصدره أوباما دون الرجوع للكونجرس، دور في إسقاط المشروع، إذ معروف أنه رغم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الذي يصادق نهائياً على مشاريع القوانين قبل أن تتحول إلى قوانين نافذة، إلا أنهم لا يمتلكون أغلبية 60 صوتاً المطلوبة لتمرير القوانين. ولمزيد من العبث يبدو أن زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، لم يمل من طرح التعديلات حول قانون الهجرة، إذ رغم إسقاطها مراراً من قبل الديمقراطيين فسيطرحها للمرة الرابعة، ما يعني أن الكونجرس انخرط في ما يشبه لعبة كرة المضرب، حيث يتقاذف الطرفان الكرة دون كلل وينخرطان في صراعات حزبية، فيما القضايا الكبرى التي يطمح لها الأميركيون تظل مجمدة. جونثان كيبهارت: كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»