في تطور ذي دلالة لافتة، سمحت الإدارة الأميركية أول أمس بتصدير طائرات مسلحة من دون طيار لأول مرة، لمد بعض الدول الحليفة بسلاح أصبح حجر الزاوية في الاستراتيجية الأميركية ضد الإرهاب، وكالتفاتة لمصلحة شركات السلاح الأميركية المعنية بضمان حصة أكبر في السوق المتنامي للطائرات المسيرة. وفي كتابه «الطائرات من دون طيار.. الهيمنة الأميركية الإسرائيلية والقوى الصاعدة»، يحاول الباحث ربيع محمد يحيى كشف طبيعة الاستراتيجيتين الأميركية والإسرائيلية في مجال الطائرات غير المأهولة، وأسباب استحواذ الصناعة الإسرائيلية على أسواق العالم، وما إذا كان تفوقها إلى زوال، لاسيما في ضوء محاولات العديد من الدول تطوير برامج محلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي ودفع صادراتها من هذه الطائرات وتقنياتها. وكما يوضح الكتاب، فقد ارتفع أسطول وزارة الدفاع الأميركية من الطائرات العسكرية غير المأهولة، خلال عقد واحد، من 50 طائرة إلى 7500 طائرة. ورغم تعدد الشركات الأميركية المصنِّعة لأنظمة الطائرات غير المأهولة، فإن مبيعاتها الخارجية لا تتجاوز 10% من إجمالي حجم مبيعاتها، ولذا تسعى الولايات المتحدة حالياً لزيادة صادراتها من هذه الطائرات، مع وضع مسألة حظر الأنواع الاستراتيجية في الحسبان. أما إسرائيل، كما يوضح الكتاب، فقطعت أشواطاً كبيرة في تصنيع الطائرات غير المأهولة، منذ عام 1974. وهي تنتج طرازات متنوعة الاستخدام، مع أنظمة المعلومات والاتصالات والبرمجيات الخاصة بها. ويخطط سلاح الجو الإسرائيلي لإحلال الطائرات غير المأهولة محل الطائرات المأهولة في جميع المهمات القتالية. كما تصدِّر إسرائيل هذه الأنظمة إلى عشرات الدول، ومنها بلدان متقدمة، مثل فرنسا وروسيا والصين. ويتطرق الكتاب إلى التعاون الأميركي الإسرائيلي في مجال الطائرات غير المأهولة، قائلا إنه بدأ في سبعينيات القرن الماضي، حين قامت واشنطن بتزويد تل أبيب بالعشرات من هذه الطائرات، لكن سرعان أصبحت إسرائيل مصدراً رئيسياً لإمداد الولايات المتحدة بتكنولوجيا الطائرات غير المأهولة. ويستعرض المؤلف جوانب من هيمنة الولايات المتحدة وإسرائيل على أسواق الطائرات غير المأهولة، مشيراً إلى اعتماد معظم دول العالم عليهما في استيراد هذه الطائرات، أو مشاركتهما في برامج إنتاجها، حيث تتركز معظم طلبات دول الاتحاد الأوروبي على أنظمة الطائرات الأميركية من دون طيار، أو على الأنظمة الأوروبية الهجينة المصنّعة في إسرائيل أو الولايات المتحدة، مضافة إليها أجهزة استشعار صنعتها شركات أوروبية. وعن الوجه الآخر لهذه الصناعة الصاعدة، ينقل الكتاب تحذير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من وجود منظومات روبوتية فتاكة، مثل الطائرة الإسرائيلية «هاربي»، والطائرة الأميركية الشبح «إكس 47 بي». ويستعرض الجدل العالمي حول استخدام هذه الطائرات كأداة قتل أدت لسقوط آلاف القتلى من المدنيين في أفغانستان والعراق وباكستان واليمن والصومال وليبيا ومالي وقطاع غزة ولبنان. ووفقاً للكتاب فإن الهيمنة الأميركية الإسرائيلية على صناعة الطائرات غير المأهولة إلى زوال، وذلك مع امتلاك كثير من الدول برامجها الخاصة لإنتاج هذه الطائرات. فمثلا تنشط دول أوروبية، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج، في إنتاجها. وتمتلك الصين برامج مبتكرة لفئات منها، في إطار التنافس الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. وفي الشرق الأوسط، طورت إيران طرازات مختلفة من الطائرة «أبابيل» اعتماداً على التكنولوجيا الروسية، وطورت باكستان الطائرة المحلية الصنع «شاهبار»، والطائرة «فالكو»، وتمتلك تركيا منتجاً محلياً قوياً من طرازات: «بايراكتار» و«مالازجيرت» و«فيستل» و«أنكا». وفي المنطقة العربية، تعد دولة الإمارات رائدة في هذا المجال، حيث استثمرت شركة «أبوظبي لاستثمارات الأنظمة الذاتية» (أداسي) في هذه الطائرات. وكشفت شركة «أدكوم» في عام 2011 عن نموذج نظام طائرة الاستطلاع (يونايتد 40)، علاوة على الطائرة الاستراتيجية «سمارت-آي 1» التي صممتها وصنعتها شركة «أدكوم» أيضاً، وكذلك الطائرة التي تعمل على إنتاجها من طراز «يبهون يو أيه في هنتر». محمد ولد المنى الكتاب: الطائرات من دون طيار المؤلف: ربيع يحيى الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تاريخ النشر: 2015