تقدم الرئيس باراك أوباما إلى الكونجرس بطلب للحصول على تفويض باستخدام القوة ضد تنظيم «داعش»، حيث أعلن في خطاب حالة الاتحاد: «نحن بحاجة إلى هذا التفويض». لكن هذا غير صحيح، فلمدة ستة أشهر حتى الآن، كان أوباما يستخدم القوة ضد «داعش»، وما بين سلطته الأساسية بصفته القائد العام، وتفويضين باستخدام القوة العسكرية، كان لدى أوباما كل ما يحتاجه لهزيمة «داعش». وما يمنع أوباما ليس تفويض الكونجرس وإنما رغبته العنيدة في توظيف هذا النوع من القوة التي يقول إنها ضرورية لتحقيق الفوز. لكن أوباما يشعر بالغضب بسبب الحاجة إلى الاعتماد على تفويض قانوني لخوض الحرب في العراق، والتي زعم مراراً وتكراراً أنها «انتهت». واليوم، فإنه يعتمد على كل من تفويض ما بعد 11/9 لملاحقة تنظيم «القاعدة» وفروعه، وتفويض 2002 للقيام بعملية «حرية العراق». وفي يوليو الماضي، أشارت مستشارة الأمن القومي «سوزان رايس» إلى أن تفويض 2002 باستخدام القوة العسكرية بالنسبة للعراق لم يعد فعالا، وذكرت لرئيس مجلس النواب «جون بوينر»، في خطاب رسمي، أنه «مع قيام القوات القتالية الأميركية باستكمال انسحابها من العراق.. فإن التفويض باستخدام القوة للعراق لم يعد معمولا به بالنسبة لأية أنشطة حكومية أميركية». والآن، يستند أوباما على تفويض العراق لقتال «داعش». ويريد أوباما أن يعلن الكونجرس رسمياً، انتهاء حرب الرئيس السابق بوش الابن في العراق عن طريق إلغاء تفويض 2002، وتمرير تفويض جديد أكثر تقييداً لشن حملته الجديدة الأكثر محدودية ضد «داعش». بيد أن فكرة أن الحملة الحالية ضد «داعش» ليست استمراراً لنفس الحرب التي شنها بوش، تعد وهماً. فتنظيم «داعش» هو نفس العدو الذي حاربناه (وهزمناه) في العراق عام 2007، وهو فرع من شبكة «القاعدة» التي نحاربها منذ هجمات 11/9. وفقط لأن أوباما سحب القوات الأميركية المقاتلة من العراق لا يعني أن الحرب «انتهت». بل الحقيقة عكس ذلك تماماً، فانسحابه خلق الفراغ الذي أعاد إشعال الجمر الخامد لـ«داعش» وإعادة بدء المعركة التي انتصرت فيها الولايات المتحدة بالفعل. وإذا كنا قد تمكنا من قتال «داعش» في عام 2007 بموجب القانون الحالي، فإنه بامكاننا فعل ذلك عام 2015 وما بعده. وليس هناك ضرورة لتمرير تفويض جديد باستخدام القوة العسكرية لنفس الصراع، فقط لإعطاء مصداقية لأسطورة أن أوباما أنهى حرب العراق. ولعل الأهم، هو أن أوباما يريد تقييد أيدي من يخلفه بقرار يمنعه من نشر قوات برية كبيرة لهزيمة «داعش». لقد طلب من الكونجرس أن يعلن صراحة أن تفويضاً جديداً باستخدام القوة «لا يعني دائماً السماح باستخدام القوات المسلحة الأميركية في عمليات قتالية وهجومية برية». وعلاوة على ذلك، فهو يريد من الكونجرس أن يعلن أن «استخدام القوة العسكرية سينتهي» في غضون ثلاث سنوات «ما لم يتم تجديده». وهذا يجعل أوباما أول رئيس في التاريخ يطلب من الكونجرس أن يقيد سلطته كقائد للقوات المسلحة لخوض حرب. وإذا اختار «أوباما» أن يرفض نصيحة قادته العسكريين ورفض نشر القوات الأميركية في «عمليات هجوم بري»، فهذا حقه. لكنه ليس لديه الحق، وكذلك الكونجرس، أن يقيد القائد العام القادم من خلال وضع حدود غير دستورية على المهمة وفرض جدول زمني مصطنع. وينبغي أن يرفض الكونجرس تأييد استراتيجية أوباما الفاترة في العراق أو فرضها على الرئيس القادم، الذي سيرث الفوضى التي خلقها انسحاب أوباما من العراق. وفي هذا السياق، أشار الجنرال «جاك كين» إلى أن تهديد التطرف الإسلامي قد زاد أربعة أضعاف خلال تولي أوباما. فالعراق وسوريا على خط النار، بينما انهار اليمن، وليبيا يسيطر عليها المتطرفون الإسلاميون، و«طالبان» في انتظار أن ينفذ «أوباما» وعده بسحب القوات الأميركية من أفغانستان قبل أن يترك منصبه حتى تستغل الفراغ الناتج في السلطة. وسيحتاج القائد العام الجديد إلى كل السلطة والمرونة الممكنة للتعامل مع هذه الأزمات وغيرها. وقد يرغب بعض الجمهوريين في محاولة تمرير تفويض أقوى للحرب، بيد أن هذا سيكون خطأ. وإذا أراد «أوباما» تقييد يديه في الحرب ضد الإرهاب، فليس بإمكان الكونجرس فعل الكثير لمنعه، لكنه لا يجب عليه تقنين انسحابه الكارثي من العراق أو السماح له بإجبار من يخلفه على مكافحة الإرهاب ويداه مغلولتان. مارك تيسين: زميل في معهد أميركان انتربرايز -------------------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»