أود أن نتأمل العوامل المحلية والإقليمية والدولية التي جعلت من العقد الماضي عقداً ذهبياً بالنسبة لإسرائيل دعونا أولاً نرصد ملامح هذا العقد الذهبي. لقد كان إسقاط نظام صدام حسين مفتاحاً لثلاثة أمور في العراق، سرعان ما امتدت إلى المنطقة العربية بكاملها. الأول إسقاط مؤسسات الدولة العراقية بما في ذلك الجيش وخلق فراغ تقدمت لملئه الميليشيات الشيعية، والثاني هو إذكاء الصراع السني ــ الشيعي بفتح الطريق أمام إيران لإنشاء مواقع نفوذ لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن يشتد ساعدها يوماً بعد يوم، أما الثالث فهو خلق البيئة المناسبة لتنامي الفكر الإرهابي وتضخم حجم منظماته بالقوى البشرية والموارد المالية. إن هذه العوامل الثلاثة التي نراها اليوم مجسدة على مسرح أقطار الشرق الأوسط العربي، ساهمت في بلورتها على نحو اليقين، أولا القوى المحلية بإهمالها معالجة التناقضات والثغرات في أدائها الداخلي معالجة صحية تقتلع هذه الآفات الداخلية من مجتمعاتنا. كما أن العامل الإقليمي المتمثل في سياسة التوسع الإيراني أدى دوراً مؤثراً وما زال يؤدى إلى اليوم. أضف إلى ذلك العامل الدولي الذي أوجد الفراغ في العراق عام 2003، ثم أكمل ذلك الفراغ بتدريب الجماعات ذات الأجندات الخاصة في الاستيلاء على الحكم وإعدادها للانفجارات السياسية الاجتماعية التي أسميناها خطأ «الربيع العربي» عام 2011. دعونا الآن نتأمل حصاد السنابل الذهبية الذي تجنيه إسرائيل من الملامح السائدة في الشرق الأوسط اليوم. أولاً: فلننظر إلى حال الدولتين العربيتين الكبيرتين الملاصقتين لإسرائيل، وهما مصر وسوريا، لقد خاضت الدولتان باسم العرب جميعاً حرب أكتوبر 1973 وأسقطتا هيبة الجيش الإسرائيلي المنتصر على ثلاثة جيوش عربية عام 1967. واليوم سوريا ممزقة بحرب أهلية تهدد بتقسيمها إلى أقاليم، ومصر تواجه حرباً إرهابية شرسة في سيناء يمتد لهيبها إلى وادي النيل والدلتا أيضاً. ثانياً: تم تفتيت وحدة الضفة الغربية وغزة إلى إقليمين منفصلين متناحرين، وبالتالي إضعاف فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة وغزة. ثالثاً: يُجرى استغلال العمليات الإرهابية الجارية في المنطقة وفي العالم لتأكيد فكرة أن إسرائيل كيان مسالم معرض للتهديد بالإبادة من العالم الإسلامي ولا يجب الضغط عليها للتخلي عن الضفة الغربية التي تمثل عمقاً أمنياً فاصلا بينها وبين خطر الإرهاب القادم من العراق. رابعاً: استطاع معسكر اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو أن يتحدى إرادة الرئيس أوباما في إنهاء المفاوضات وإقامة الدولة الفلسطينية من دون أن يفقد شعبيته الداخلية أو يتعرض لعقوبات أميركية. خامساً: تظهر إسرائيل اليوم تحت قيادة نتنياهو باعتبارها قوة تتصدى لأطماع إيران التوسعية وبرامجها النووية من ناحية وقادرة على صد الهجمات الإرهابية من ناحية ثانية. سادساً: لقد تم استثمار الوضع الإقليمي المضطرب في ترسيخ ادعاء إسرائيل بأنها الحمل الوديع وليس قوّة الاحتلال البغيضة. سابعاً: حُظي نتنياهو بدعم الكونجرس في مواجهة أوباما وخصومه الانتخابيين داخل إسرائيل ليواصل أطماعه.