طبقاً لتقرير «نظرة على الإعلام الاجتماعي في العالم العربي» الصادر عن «كلية محمد بن راشد للإدارة الإلكترونية»، تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة الدول العربية من ناحية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فحلت في المرتبة الأولى على صعيد انتشار موقع «فيسبوك» بمعدل يقدر نحو 54%، وموقع «لينكد إن» بنسبة تبلغ نحو 20,9%. وهذا الحضور الكبير يحتم على الإمارات مراعاة أن يكون استخدام هذه المواقع يخدم المجتمع المحلي ومنع تأثيراتها السلبية سواء على الأفراد أو المجتمع، ومنع استغلالها في ارتكاب الجرائم بأنواعها كافة، كالاستيلاء على بيانات الأفراد ونشر الإشاعات، واستخدامها كمنبر لبثّ الأفكار غير الأخلاقية والمتطرفة والدخيلة على الثقافة الإماراتية. ومع الأخذ في الاعتبار صعوبة فرض الرقابة على هذه المواقع أو حذفها، أو التحكم في استخدامات الأفراد لها، في ظل التطور السريع لتكنولوجيا الاتصال في الوقت الراهن، استحدثت الإمارات منظومة تشريعية متكاملة عبر وضع ضوابط تقيّد الاستخدام المسيء للإنترنت وتغلظ العقوبة على مرتكبيه، وهو ما يعبر عن الوعي الإماراتي بأهمية تطويع الثورة التكنولوجية، لخدمة المجتمع والوصول إلى مصافّ الدول المتقدمة، وتجنب الآثار السلبية لهذه الثورة التكنولوجية، وقد أعلنت شرطة دبي مؤخراً بناء على تعليمات الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، إطلاق حملة أمنية توعوية بالشراكة مع 30 جهة، تحت عنوان «معاً لنجعل الإنترنت في الإمارات أفضل استخداماً»، تستهدف الحد من الجرائم الإلكترونية التي قد يتعرض لها الأفراد والمؤسسات على حد السواء، وتحذير المجتمع من خطورتها، وبخاصة الجرائم التي تمسّ الطفل والناشئة، إيماناً بأن كل ما يمس الطفل سواء جسدياً أو عقلياً يهدد بالضرورة أمن مستقبل الوطن. وتطبق الإمارات آليات تشريعية وتنفيذية عديدة في هذا الشأن، فعلى الصعيد التشريعي حرصت، عبر إصدارها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وتعديلاته المختلفة، على مواجهة الجريمة الإلكترونية بالقانون، بما يتوافق مع مستجدات الوقت الراهن من التطور التكنولوجي، وانعكاساته المتعلقة بإفراز متغيرات ثقافية واجتماعية طارئة على المجتمع الإماراتي. وقد شملت القوانين والتشريعات الإماراتية في هذا الإطار أيضاً، قوانين تحمي الفئات الضعيفة في المجتمع، لحظر استغلال الأطفال في أعمال منافية للقيم عن طريق شبكة المعلومات الإلكترونية أو عبر أي وسيلة من وسائل الاتصال وتقنية المعلومات الأخرى، مع تغليظ العقوبات ضد مرتكبيها، وتحمّل هذه التشريعات مزودي خدمات المعلومات مسؤولية إبلاغ السلطات المختصة عن أي مواد يتم تداولها عبر المواقع يكون فيها انتهاك لسلامة الطفل. وهناك إجراءات أخرى نفذتها الإمارات في هذا الإطار، كانضمامها إلى القوة العالمية الافتراضية لحماية الأطفال من الإساءة والاستغلال عبر الإنترنت، كأول دولة في منطقة الشرق الأوسط تنضم إلى هذه القوة. وعلاوة على ذلك، قامت الإمارات باستحداث مواقع إلكترونية وحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، تستهدف حماية الأطفال من أنواع التهديدات والاعتداءات كافة. وعمدت إلى إشراك جميع المؤسسات المختصة في الدولة، ولاسيما المؤسسات التعليمية، في مساعيها تلك، فبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وجمعية الإمارات للملكية الفكرية ومختبرات «أندر رايتزانك»، أطلقت وزارة الداخلية برنامج «السلامة الذكية»، الرامي إلى تنمية وعي وقدرات الطفل على الحفاظ على سلامته، وحماية نفسه من السلوكيات الدخيلة على المجتمع، وتدريبه على الاستخدام الآمن للإنترنت، لتحقق الإمارات الريادة العالمية في إدخال مفهوم السلامة الذكية في المؤسسات التعليمية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية