تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، نظمت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً الدورة الثالثة للقمة الحكومية، التي باتت منصة دولية لتطوير الأداء الحكومي، ليس في الإمارات فحسب، بل في دول العالم قاطبة، وكشفت فعاليات هذه الدورة، الرؤية الإماراتية لمستقبل العمل الحكومي خلال خمسين عاماً القادمة. وقد عبّرت الكلمة الرئيسية للقمة التي ألقاها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عن تلك الرؤية بوضوح تام، إذ أكد سموه النهج الإماراتي القائم على الارتقاء بالكوادر البشرية وتحضيرها لمواجهة التحديات المستقبلية، في سبيل النهوض بالدولة إلى مصاف الدول المتقدمة، واستحضر سموه نهج المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤكداً أن المواطن هو الثروة الوطنية، وأن المواطن شريك فعال ومؤثر في نهضة البلاد وتنميتها وازدهارها. ولأن التجربة أثبتت أن الارتقاء بالمنظومة التعليمية هو السبيل لاستثمار الثروة البشرية وتقدم الأمم ونهضتها، وأثبتت كذلك أن تطويع التكنولوجيا بات مهماً للارتقاء بجودة التعليم، فقد اتخذت الإمارات إجراءات عدة في هذا الشأن، فقامت ببناء بنية تعليمية قوية متطورة، معتمدة على بنية تحتية وتكنولوجية متطورة، وقد صنفها «المنتدى الاقتصادي العالمي» مؤخراً ضمن مجموعة الدول التي تمتلك واحدة من أكثر البنى التحتية ديناميكية وتطوراً في العالم، بعد تقدمها إلى المرتبة الثانية والثلاثين في «مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات»، وإلى المرتبة الرابعة والعشرين في «مؤشر الجاهزية الشبكية لقطاع الاتصالات والمعلومات»، وأكدت مؤشرات المنتدى كذلك أن نحو تسعة أعشار سكان الإمارات الآن لديهم القدرة على الاتصال بشبكة الإنترنت، في وقت لا يتجاوز فيه هذا المعدل على المستوى العالمي نحو 40%. وقد ساعدت هذه المؤشرات الدولة كثيراً على التوجه نحو تبنّي مبادرات عدة لتطوير التعليم، فقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي»، هذا بالإضافة إلى خطوات وإجراءات عدة مماثلة، كمبادرات «التعليم عن بعد» و«تعليم الكبار» و«التعليم المستمر» وما إلى ذلك، فيما ساعد على إحداث نقلة نوعية في النظام التعليمي الإماراتي، بما ينسجم مع خطط الدولة الساعية لبناء مجتمع المعرفة، في وقت لم يعد فيه امتلاك التكنولوجيا ومهارات استخدامها من قبيل الرفاهية، بقدر ما أصبح أمراً ضرورياً ووسيلة تطوير أساسية لا تستغني عنها المجتمعات والشعوب. إلى جانب ذلك، تتبنى الإمارات بدعم من القيادة الرشيدة، الابتكار والإبداع كأداة لتطوير الخدمات الحكومية المقدمة إلى الجمهور، وتظهر ملامح هذا التوجه عبر إعلانها 2015 عاماً للابتكار، وإطلاقها الاستراتيجية الوطنية للابتكار، وقد أكدت في الدورة الثالثة للقمة الحكومية بما تبنّته خلالها من مبادرات وفعاليات، تمزج بين قضايا الابتكار والإبداع وقضايا تطوير التعليم، مدى حرصها على ترسيخ ثقافة الابتكار في المجتمع، وسعيها إلى تنمية القدرة على الابتكار لدى الطفل والناشئة، بالتلازم مع تنمية مهارات القراءة والكتابة، من أجل إعداد أجيال من المبدعين قادرة على بناء مستقبل أفضل لوطنها. وقد أكد صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال القمة الحكومية، أن «القيادة الإماراتية مؤمنة بأهمية إعداد أجيال تنسجم مع متغيرات المستقبل، وأنه إذا لم تبتكر الحكومات في طرائق التعليم مثلا، وتُعدّ جيلا جديداً لزمان غير زمانها، فحتماً ستشيخ تلك الحكومات، وحتماً ستتأخر شعوبها». عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية