أعاد الرئيس أوباما في خطابه عن حالة الاتحاد خلال الأسبوع الماضي التأكيد على عزمه إغلاق معتقل جوانتنامو، لكن البعض في الكونجرس كان أكثر عزماً منه على معارضته ومنعه من القيام بذلك، فحتى السيناتور جون ماكين الذي كان أحد مؤيدي إغلاق المنشأة السجنية، انضم إلى جوقة المنادين بالتريث قبل إغلاق المعتقل، بحجة أن الرئيس لم يطرح أمام الكونجرس «خطة واضحة وملموسة» للإغلاق! والحقيقة أن الطرفين معاً على حق حتى لو بدا بعض التناقض في هذا الطرح. فجوانتنامو من حيث المبدأ، ينبغي أن يُغلق نهائياً وتطوى صفحته، لكن ليس قبل أن يبلور الرئيس خطة ويدافع عنها أمام المشرعين، تلك الخطة التي عليها معالجة قضايا مهمة، مثل مصير المعتقلين الذين تبقّى منهم حتى هذه اللحظة 122، ليظل السؤال الأسهل ما إذا كان ممكناً إطلاق سراح 54 معتقلاً ممن ترى الإدارة الأميركية أنهم لا يمثلون خطراً على الأمن القومي. لكن المسألة الأصعب هي المكان الذي يمكنه استضافة هؤلاء، فالعديد منهم جاء من اليمن الذي أصبح بؤرة توتر شديد في المنطقة، ويصعب ضمان انتقال سلس للنزلاء إلى المنشآت السجنية فيه. ومع أن الولايات المتحدة أقنعت دولاً أخرى باستضافة مائة نزيل من جوانتنامو، بمن فيهم بضعة عشرات خلال الأشهر القليلة الماضية، فإنه إجمالاً يصعب العثور على مكان يقبل بهؤلاء السجناء، لاسيما المجموعة الأكبر المؤلفة من 68 سجيناً من ذوي الخطورة العالية، ومنهم ثمانية يمثلون حالياً أمام المحاكم العسكرية. لذا، وبالنظر إلى تلك الصعوبات، لا يمكن إغلاق جوانتنامو بجرة قلم، بل يتعين وضع خطة دقيقة لمحاكمة نزلائه الأكثر خطورة والذين تلقون تدريبات في معسكرات «القاعدة» وأكدوا نيتهم قتل الأميركيين. وكانت المحاكم الفدرالية قد أكدت شرعية إبقاء هؤلاء المعتقلين قيد الحجز حتى ينتهي النزاع الذي على أساسه اعتقلوا، لكن ذلك لا يعني أن المعتقلين يمكن متابعتهم جنائياً؛ لأن ذلك متعذر بالنظر للتجاوزات التي شابت عملية التحقيق معهم، وللصعوبات المرتبطة بساحة المعركة وبالظروف التي اعتقلوا فيها. وإذا كان من الصعب الإفراج عن هؤلاء النزلاء دون خطة واضحة، فالسؤال الآخر يتعلق بمكان استمرار الاعتقال؛ هل في جوانتنامو على الأراضي الكوبية؟ أم داخل الولايات المتحدة؟ المدافعون عن نقل السجناء إلى مكان «أكثر إنسانية» بالولايات المتحدة يستندون إلى الضرر الذي ألحقه المعتقل بصورة أميركا، لاسيما أن إقامته على الأراضي الكوبية كانت بغرض إبعاده عن سلطة القضاء الأميركي ليتحول بعد ذلك إلى أداة دعائية ضد أميركا. وفي جميع الأحوال، لا يبدو في الأفق حل قريب؛ أولاً لغياب خطة من الإدارة الأميركية تتعامل مع الأسئلة الآنفة، وثانياً لعدم تعاون الكونجرس الذي ما زال يصر على رفض نقل النزلاء إلى داخل أميركا. والخلاصة أن إبقاء هؤلاء وراء القضبان، ضرورة لا مفر منه، لكن الإصرار على إبقائهم داخل جوانتنامو بالتحديد ليس بالسياسة التي يمكن الدفاع عنها، لذلك يتعين البحث عن بدائل أخرى. ------ جين هارمان عضو ديمقراطي سابق في مجلس النواب الأميركي جاك جولدسميث مدعي عام سابق خلال رئاسة بوش ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»