عندما يتعلق الأمر بحماية شبكات الإنترنت في أميركا من حزمة واسعة من التهديدات، فإن الحكومة تصبح مشغولة تماماً بهذا الأمر. وفي خطاب «حالة الاتحاد»، ألمح الرئيس أوباما إلى هذا الأمر، مسلطاً الضوء على أهمية دمج الجهود الاستخباراتية من أجل مكافحة التهديدات السيبرانية. ونتيجة لذلك، فإن الابتكار الكبير القادم في عالم الأمن السيبراني قد لا يكون مجرد رمز جديد، أو أداة برمجية للكشف عن التهديد، وإنما هو بالأحرى نهج جديد لكيفية التفكير في الاستفادة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لحماية شبكات الإنترنت في أميركا. وهناك فكرة بدأ تردادها في وادي السيليكون تتمثل في مفهوم التعهيد الجماعي للأمن السيبراني. والتعهيد الجماعي هو عملية جمع أو استيراد أو الاستعانة بالجماهير، بهدف الحصول على المعلومات. وكما أشار المستثمر الرأسمالي في مشروع وادي السيليكون «روبرت أكرمان الابن»، فإنه نظراً «لترابط مجتمعنا في الفضاء الالكتروني» يبدو من الأفضل النظر إلى شبكات الإنترنت باعتبار أنها من الأصول التي نتقاسم جميعاً مسؤولية حمايتها. فإذا نظرت إلى هذا المفهوم ملياً، فسترى كم الأفكار الأساسية الخاصة بوادي السيليكون، والتعهيد الجماعي والبرمجيات مفتوحة المصدر وشبكات التواصل الاجتماعي والمشاع الإبداعي التي يمكن تطبيقها وتوظيفها في الأمن السيبراني. وقد بدأ أصحاب رؤوس الأموال في وادي السيليكون بالفعل في تمويل شركات تصف نفسها بأنها شركات للتعهيد الجماعي للأمن السيبراني. ويمكن على سبيل المثال أن تكون هناك مشاركة مجانية وشفافة لأكواد الكمبيوتر المستخدمة للكشف عن التهديدات السيبرانية بين الحكومة والقطاع الخاص. وبالإمكان تعزيز المصادر المفتوحة من الدفاع السيبراني مع برنامج واسع النطاق لتوظيف «قراصنة القبعة البيضاء» كي يصبحوا رسمياً جزءاً من جهود الحكومة في مجال الأمن السيبراني. ويمكن الاستعانة بالأحداث السنوية الشعبية مثل مؤتمر «ديفكون» للقرصنة لتوظيف المخبرين السريين من الموهوبين في مجال الإنترنت للعمل إلى جانب الحكومة. وهناك بالفعل أمثلة على مجتمعات تواجه تهديداً سيبرانياً مشتركاً، حيث يجتمع الناس لتبادل المعلومات، وربما يكون أفضل مثال على ذلك هو مجموعة عمل «كونفيكر»، وهي عبارة عن تحالف أمني تم تشكيله أواخر 2008 لتقاسم المعلومات حول البرمجيات الخبيثة «كونفيكر». والشيء الواضح هو أن المستقبل يحمل المزيد من التكامل بين الحكومة والجيش والمؤسسات والجمهور للتوصل إلى شفرات وأدوات ووسائل جديدة للدفاع ضد التهديدات وتحسين القدرة على اكتشاف وفهم الهجمات السيبرانية. ولذلك، ينبغي التفكير بصورة كبيرة في أن تعليمات أوباما للكونجرس بأن يصدر تشريعاً جديداً للأمن السيبراني قد تفتح المجال لمبادرات فريدة في مجال التعهيد الجماعي. دومنيك باسلتو: كاتب متخصص في الشؤون العلمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»