على مدار السنوات الماضية، تعددت التقارير التي تؤكد على أهمية الموقع والمكانة المتميزة التي تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة على خريطة الاقتصاد العالمي بكل تفاصيله، سواء على مستوى التجارة أو الاستثمار أو حركة رؤوس الأموال أو حركة الأفراد، وقد استفادت الإمارات في ذلك من موقعها الجغرافي المتميز، فهي تقع على ملتقى الطرق والخطوط الجوية والبحرية بين قارات العالم القديم، آسيا وأفريقيا وأوروبا، بل إن انفتاحها على العالم الخارجي، وأخذها بمقتضيات العصر الحديث، وامتلاكها للبنى التحتية والتكنولوجية وشبكات الطرق والمواصلات والاتصالات الأكثر تطوراً في العالم، جعل منها واحدة من أكثر الدول ترابطاً مع باقي الدول والمناطق حول العالم. وفي الأيام القليلة الماضية، أصدرت شركة «دي اتش إل» النسخة الثالثة من «مؤشر الترابط العالمي»، الذي يقدم تحليلا مفصلا لحالة الانفتاح والترابط بين دول العالم، ويقيم الموقع الذي تحتله الدول في منظومة العولمة الاقتصادية، من خلال قياس نصيب كل دولة من تدفق التجارة العالمية للسلع والخدمات، وكذلك تدفق رؤوس الأموال المعلومات والبيانات عبر الحدود الدولية، ناهيك عن حركة الأفراد لأغراض السياحة والعمل أو الانتقال بين الشرق والغرب والشمال والجنوب. وهذا المؤشر على أهميته، وضع دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية عشرة ضمن أكثر الدول ترابطاً على مستوى العالم، وصنفها في المرتبة الأولى على المستوى الإقليمي، باعتبارها الدولة الأكثر ترابطاً في المنطقة العربية وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. النتائج التي خرج بها تقرير شركة «دي اتش إل»، تحمل العديد من الدلالات بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة واقتصادها، وهي: الدلالة الأولى، أن الجهود التي بذلتها الإمارات طوال العقود الماضية، في إطار تطوير سياساتها الاقتصادية، كانت جهوداً موفقة وتسير في الاتجاه الصحيح، وليس تقدم الإمارات في الترتيب العالمي وفق «مؤشر الترابط العالمي» إلا أحد مظاهر نجاح هذه الجهود في تحقيق أهدافها، وأنها بدأت بالفعل تؤتي ثمارها. الدلالة الثانية، تتعلق بتقدم الإمارات في ترتيب دول العالم الأكثر ترابطاً بست مراتب في تصنيف العام الحالي مقارنة بتصنيف العام الماضي، مما يدلل على أن الدولة ماضية في طريقها نحو التقدم في إطار علاقاتها مع العالم الخارجي، لتحقق المزيد من الترابط. وما حققته من إنجازات خلال السنوات الماضية ليس إلا جزءاً من مسيرة كاملة من التطوير والتقدم تمضي الدولة إلى استكمالها، من أجل وضع اسمها بين دول العالم المتقدم، وللمنافسة على المركز الأول عالمياً في جميع المجالات. الترابط الذي يتمتع به الاقتصاد الإماراتي وانفتاحه الفعال على دول العالم الخارجي، كان ومازال، أحد محفزات النمو المهمة بالنسبة له، لاسيما في ظل الرؤية المتوازنة التي ينبني عليها هذا الانفتاح، والتي تسعى إلى الاستفادة من الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة والسانحة على المستوى الدولي، وتنويع الشركاء التجاريين، وكذا تنويع التركيب النوعي والهيكلي للتجارة. وهذه الرؤية ظلت على مدار السنوات الماضية تمثل سنداً للاقتصاد الإماراتي في علاقته مع العالم الخارجي، من دون أن يكون عرضة للاضطرابات والأزمات الخارجية، بل إن الانفتاح الفعال والرؤية المتوازنة هُما ما جعل الاقتصاد الإماراتي الآن أحد أهم الاقتصادات المؤثرة على المستوى الإقليمي والعالمي. ـ ـ ـ ــ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.