على مدار أكثر من عامين، حدث شرخ في العلاقات بين أوباما ومؤسسة السياسات الخارجية في الحزب «الديمقراطي»، وزاد هذا الشرخ خلال الأسبوع الماضي، مع سماح روسيا باعتداء جديد في أوكرانيا ومناقشة مجلس الشيوخ العقوبات على إيران. وكانت المقدمة في مجلس الشيوخ، حيث مررت اللجنة المصرفية نصّاً مثيراً للجدل لمشروع قانون من شأنه فرض عقوبات جديدة على إيران إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يقيد برنامجها النووي بحلول يونيو المقبل. وعلى رغم معارضة أوباما الشرسة، فإن الإجراء، الذي شارك في تبنيه عضو «روبرت منينديز» مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرسي، وهو «ديمقراطي»، سرعان ما حصل على تأييد 13 آخرين من الأعضاء «الديمقراطيين» بحلول نهاية الأسبوع. وفي رسالة وقعها «منينديز» مع تسعة آخرين منهم، تم التعهد بتأجيل التصويت النهائي على مشروع القانون حتى الرابع والعشرين من مارس، وهي المهلة الزمنية التي حددتها إدارة أوباما لصياغة إطار عمل لإبرام صفقة مع إيران. وعلى رغم أن هذا التأجيل تفادى مواجهة مباشرة مع أوباما، لكن الرسالة الأوضح من أعضاء مجلس الشيوخ كانت واضحة ومفادها أنهم «متشككون جداً» في أن أوباما سيحصل على التنازلات الملائمة من طهران، على رغم التشجيع الدبلوماسي. وفي نهاية الأسبوع، حدث تصويت آخر واقعي بـ«عدم الثقة»، وهو تقرير أعده ثمانية من متخصصي السياسة الخارجية يؤكد أن أوباما لا بد أن «يغير فوراً» سياساته الرافضة لتزويد أوكرانيا بأسلحة تدافع بها عن أقاليمها الشرقية المحاصرة. ويلفت التقرير صراحة إلى أن واشنطن لم تكرّس اهتماماً كافياً للتهديد الذي تمثله روسيا، وتداعياته على الأمن الغربي، ولا بد أن يتغير ذلك. ووقع على التقرير، الذي يوبّخ أوباما، «ميشيل فلورنوي»، وكيلة وزارة الدفاع في فترة أوباما الأولى، و«آيفو دالدر»، سفير الولايات المتحدة السابق لدى «الناتو»، و«ستروب تالبوت»، وكيل سابق لوزارة الخارجية الأميركية، وهو أيضاً رئيس معهد «بروكينجز» الذي يميل بشدة نحو «الديمقراطيين». وسلّط التقرير الضوء على التشريع الذي يدعو إلى بيع أسلحة لأوكرانيا الذي أقره الكونجرس الشهر الماضي، بعدما تبناه أعضاء من بينهم «منينديز» وسبعة آخرين من «الديمقراطيين» الأعضاء في مجلس الشيوخ، من بينهم «كارل ليفين» من ولاية متشجين، العضو الرفيع في لجنة الخدمات المسلحة، و«ريتشارد دوبرين» من ولاية إلينوي. وبدأت «الثورة الديمقراطية» ضد سياسات أوباما مع الأزمة السورية، عندما رفض تقديم الدعم للثوار الذين يحاربون نظام بشار، وأدى رفض أوباما في عام 2012 لمقترح قدمته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بيترايوس لتدريب وتسليح المعارضة، إلى انحياز مجموعة واسعة من مسؤولي السياسة الخارجية في الحزب «الديمقراطي» ضد سياساته، ومن بينهم ليفين، الذي دشّن حملة لإنشاء منطقة حظر طيران في شمال سوريا، وعضو مجلس النواب «الديمقراطي» آدم سميث، الذي طالب أيضاً بتدشين برنامج رسمي تابع لوزارة الدفاع من أجل تدريب الثوار السوريين قبل عام من موافقة أوباما عليه. ويحيط الخلاف الآن بأوكرانيا، حيث يتعرض أوباما لاتهامات بأن رده كان بطيئاً ومحدوداً جداً على انتهاك روسيا الفظ للمعاهدات الدولية التي تضمن سلامة الحدود الأوروبية. لكن الخلاف الأكبر يتعلق بإيران، حيث يساور القلق عدد كبير من «الديمقراطيين» بشأن تقديم أوباما شروطاً بالغة الكرم وإخفاقه في تحدي اعتداءات إيران التقليدية في الشرق الأوسط، على حساب إسرائيل والدول العربية الصديقة. ويعتبر الخلاف شديد الصلة بحذر أوباما المفرط في الرد على التحديات الدولية، كما في سوريا وأوكرانيا، وإيمانه الشديد بأن أعداء الولايات المتحدة منذ أمد طويل يمكن أن يتحولوا إلى شركاء إستراتيجيين. وقد كان لرد فعل أوباما على حرب العراق، بعد أن تفادى أي تدخل عسكري أميركي ولو غير مباشر في الصراعات الدولية الأخرى كافة، تأثير على إيجاد قضية مشتركة بين الحمائم المناهضين لحرب العراق مثل «ليفين» و«دالدر»، و«الصقور» مثل كلينتون. جاكسون ديل محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»