في أحد أيام عام 2012، كانت ماريسا ماير تتنقل بسرعة داخل مكتب شركة ياهو في مدينة «صنيفال» بولاية كاليفورنيا، بينما تدير إعادة تصميم الصفحة الرئيسية للشركة على موقع الإنترنت وتطبيق بريدها الإلكتروني الأوسع استخداماً. وفي يوم لاحق، أصبحت «ماير» أمّا لطفلها الأول في المستشفى. وربما لا يبدو ذلك استثنائياً لو لم تكن تتقلد في ذلك الوقت منصب الرئيس التنفيذي للشركة العالمية ذائعة الصيت. وعادة ما تعيش الرئيسات التنفيذيات للشركات في مكاتب زجاجية حيث تكون كافة تحركاتهن مراقبة من قبل الآخرين، ويصلن إلى هذا المنصب الرفيع، في الغالب، من خلال العمل الدؤوب، وتفادي أي شيء يلفت الانتباه إلى حقيقة كونهن نساء. وبعد أن بدأت «ماير» وظيفتها في إدارة شركة التكنولوجيا العملاقة «ياهو!»، والتي تقدر قيمتها بما لا يقل عن «30 مليار دولار»، أعلنت أنها ستكون في إجازة وضع، وإن كانت قصيرة لم تتجاوز أسبوعين. بيد أن جرأة الخطوة، وقبولها لمنصب تنفيذي رفيع مع علمها أنها كانت في الشهر الخامس من حملها، ثم حصولها على إجازة قصيرة، أدت إلى حدوث حالة من الصخب على شبكة الإنترنت. وتحمل تفاصيل قصة الرئيسة التنفيذية الشابة لشركة ياهو تفاصيل أكثر من ذلك بكثير. وهذه التفاصيل يكشف عنها نيكولاس كارلسون في كتابه الجديد «ماريسا ماير ومعركة إنقاذ ياهو!». وفيه يسرد أسرار تسلقها السريع للسلم الوظيفي، مشيراً إلى أنها جديرة بالاهتمام لأسباب تتعلق بكونها امرأة، فهي شخصية مركبة تتحدى غالبية الصور النمطية. ويقول كارلسون: «إن ما يميز ماريسا ماير هو التناقضات التي تنطوي عليها شخصيتها»، منوّهاً بأنها في اللقاءات العامة أمام المئات، وربما الآلاف، تكون لطيفة ومبتسمة، ولكن في قاعة الاجتماعات أمام عدد قليل من الموظفين، تكون أكثر جدية وصرامة ومباشرة. ويرى كارلسون أن الأكثر أهمية هو أن «ماير» لم تصل إلى إدارة ياهو عبثاً، وإنما من خلال سنوات من التفكير الإبداعي في قطاع يتباهى بريادته وجرأته، موضحاً أنها كانت من أوائل المهندسين الذين عملوا في جوجل، وكان لديها دور مركزي في تحقيق نجاح الشركة، إذ لعبت دور الراعي الخفي لتصميم مواقع ومنتجات الشركة المنمقة والمنظمة. وكتاب «معركة إنقاذ ياهو» سطّر بأسلوب مبسط قد يلائم بعض القراء، واعتمد على عدد من المقالات المنشورة في موقع «بزنس إنسايدر»، حيث يعمل كارلسون، وعلى الأرجح سيكون الكتاب جاذباً أيضاً لكثير من المهووسين بشركات التكنولوجيا في منطقة «وادي السيليكون». والسؤال الذي يحوم حوله الكتاب هو: هل يمكن لـ«ماير» إنقاذ ياهو، أو جعلها أفضل؟ غير أن الإجابة على هذا السؤال أبعد ما تكون عن اليقين، ذلك أن الشركة علامة تجارية تم إهمالها أو أسيء التعامل معها على مدار سنوات من قبل المسؤولين عنها قبل «ماير». وتصبح القصة أكثر تشويقاً طبعاً عندما تولت «ماير» المسؤولية. وابنة أستاذة الفنون ومهندس البيئة، التي نشأت في مدينة صغيرة بولاية ويسكونسن، كانت مبرمجة على تحقيق الأهداف والانشغال في أنشطة كثيرة بصورة استثنائية في السنوات الدراسية. وقد انضمت إلى جوجل عقب تخرجها مباشرة من برنامج علوم الحاسب الآلي من جامعة «ستانفورد». وتدرجت «ماير» في جوجل حتى أصبحت من بين أكثر مديريها التنفيذيين المؤثرين، قبل أن تنتقل للعمل في «ياهو!». وائل بدران ------- الكتاب: ماريسا ماير ومعركة إنقاذ ياهو! المؤلف: نيكولاس كارلسون الناشر: تويلف تاريخ النشر: 2015