في محاولات يائسة لتجنب الوقوع كضحايا لوباء السمنة، أو مرض السكري من النوع الثاني، أصبح من المعتاد والشائع أن يلجأ الكثيرون للأطعمة والمشروبات التي تحمل صفة «دايت» أو «لايت»، المحلاة بما يعرف ببدائل السكر أو المُحلِيات الصناعية. ولدرجة أنه في الأعوام الخمسة الأولى من القرن الحالي، ما بين 2000 و2005، أُطلق للمرة الأولى في الولايات المتحدة فقط، نحو 4 آلاف صنف ونوع جديد من المنتجات الغذائية والمشروبات، المحلاة ببدائل السكر. وتقدر مراكز الدراسات الاقتصادية، أن حجم سوق المحليات الصناعية في الولايات المتحدة وحدها، يزيد على 200 مليون دولار سنويا، مع التوقع بنموه بنسبة 8 في المئة سنويا. ولكن رغم هذه الشعبية المتزايدة لبدائل السكر، إلا أنه خلال السنوات والعقود الماضية، أثيرت بعض الشكوك في مدى أمنها وسلامتها من المنظور الصحي. أهم تلك الشكوك، أثارتها دراسة نشرت عام 1996، وألمحت إلى احتمال وجود علاقة بين الزيادة الملحوظة في أورام المخ، وبين تزايد استهلاك محلي «الآسبرتام» (Aspartame)، أحد أهم وأكثر المحليات الصناعية استخداما وانتشارا. وتلى هذه الدراسة تصاعد في حجم المخاوف الصحية من بدائل السكر، وارتباطها بأنواعا مختلفة من الأمراض السرطانية. وهو ما حدا بالمعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة (National Cancer Institute)، بإجراء دراسة هائلة الحجم، شملت نصف مليون شخص، أظهرت نتائجها عدم وجود علاقة بين الآسبرتام وبين سرطان المخ، أو سرطان الدم، مثل «اللوكيميا»، و«الليمفوما». وعلى المنوال نفسه، أجرت هيئة سلامة الغذاء الأوروبية (uropean Food Safety Authority)، مراجعة شاملة ووافية بشكل كبير، لجميع الدراسات والبيانات المتاحة، خلصت إلى أن عند الالتزام بالحد الموصى به (40 ميليجرام لكل كيلو من وزن الجسم)، يعتبر الآسبرتام آمنا بشكل تام، حتى للأطفال والنساء الحوامل. وفي الوقت الذي تظهر فيه الدراسات والأبحاث، أمن وسلامة بدائل السكر، لا توجد دراسات مماثلة تثبت أن تناول الأغذية والمشروبات المحلاة اصطناعياً، يؤدي إلى فقدان الوزن، بل وحتى أحيانا ما تظهر الدراسات عكس ذلك. إذاً لماذا يظل الكثيرون يقبلون على استخدام هذه المنتجات؟ إجابة هذا السؤال، ربما تكمن في جهل الغالبية بعد وجود علاقة مؤكدة وثابتة بين الاعتماد على المشروبات المحلاة اصطناعياً، وبين المساعدة على فقدان الوزن. كما أنه من منظور الشركات المصنعة للمواد الغذائية، والتي يشهد استخدام بدائل السكر في منتجاتها ازدياداً مطرداً لدرجة أصبح معها من الصعوبة العثور أحياناً على مواد غذائية مصنعة لا تدخل فيها المحليات الصناعية، فيعتبر الاعتماد على بدائل السكر بنداً مهماً في تحقيق هامش ربح مرتفع، حيث لا تزيد تكلفة العديد من أنواع المحليات الصناعية عن جزء بسيط من تكلفة المحليات الطبيعية، مثل سكر القصب أو سكر البنجر. وكنتيجة منطقية لهذه العملية الاقتصادية، أصبحت شركات المشروبات المعلبة، تسعى جاهدة من خلال آليات التسويق المختلفة، لدفع مستهلكيها نحو المشروبات «الدايت» و«اللايت»، تحت الإيحاء بأن قلة السعرات الحرارية في تلك المشروبات، يساعد على خفض الوزن. ورغم الآمال الكبيرة التي علقت على بدائل السكر -المتوفر بعض أنواعها منذ عقود- في منح المستهلكين الطعم الحلو المفضل للعديد من الأطعمة، كالحلويات، والمشروبات الغازية، دون أن تزداد أوزانهم، أو أن يصابوا بداء السكري، إلا أنه هذا الهدف لم يتحقق، حيث لا زال وباءا السمنة والسكري من النوع الثاني ينتشران انتشار النار في الهشيم بين سكان العديد من الشعوب والمجتمعات. كما أن العلماء لا زالوا لا يعلمون طبيعة التبعات والتأثيرات الفسيولوجية، التالية لإبلاغ حاسة التذوق للمخ، بانتظار مادة سكرية، دون أن يحصل المخ بالفعل عليها. كما يخشى العلماء من أن الطعم الحلو الذي يشعر به اللسان عند تناول بدائل السكر، يدفع الجسم للاستعداد للسكر القادم، وإفراز المزيد من هرمون الأنسولين، وهي الاستجابة الفسيولوجية التي قد تؤدي في حد ذاتها لزيادة الوزن على المدى الطويل. مثل هذه التبعات المحتملة، والمخاوف الناتجة عنها، لم يتم إثباتها أو نفيها بشكل علمي قاطع، وإن كان موقف هيئة سلامة الأغذية الأوروبية حالياً، هو أن بديل السكر المعروف باسم «ستفيا» (Stevia)، لا توجد أدلة كافية على أنه يساعد على خفض الوزن، أو على المحافظة على وزن مثالي.