شيء طريف حدث قبيل تحقق حلم الحكم الديكتاتوري الذي كان يراود أوباما، ذلك أنه تحديداً في الوقت الذي كان يحاول فيه حشد بعض الزخم لأوامره التنفيذية ويتوعد الكونجرس بسيل من التهديدات باستعمال «الفيتو» الرئاسي، أخضع رئيسُ مجلس النواب «جون بوينر»، «الجمهوري» من ولاية أوهايو، الرئيسَ لاختبار يذكّره بحدود سلطته الرئاسية في الواقع. فأوباما يشدد على ضرورة أن يحجم الكونجرس عن تمرير أي عقوبات إضافية على إيران، لأنه يعتقد أن من شأن مثل هذه الخطوة أن تضر بالمفاوضات الدبلوماسية التي يجريها البيت الأبيض مع إيران حالياً حول برنامج طهران النووي. ولكن الرئيس الأميركي يواجه انتقادات – خاصة من السيناتور «روبرت ميننديز»، «الديمقراطي» من ولاية نيوجيرسي- بسبب ما يبدو أنها رغبة من جانب الرئيس الأميركي في مهادنة إيران ومصالحتها. بيد أنه عندما وجه «بوينر» دعوة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإلقاء خطاب أمام جلسة مشتركة للكونجرس الشهر المقبل من دون أن يخبر البيت الأبيض بذلك، بعث برسالة قوية، ذلك أن ما قام به «بوينر»، هو بمثابة «فيتو» ضد اعتزام الرئيس الأميركي الرضوخ لإيران. وعليه، فقد يعتقد أوباما أنه يستطيع أن يعرقل الكونجرس ويهيمن عليه، ولكنه سيكتشف أن هذا الأخير يمكنه أيضاً، إذا تعرض للضغط، أن يمارس بعض الهيمنة والعرقلة، وقد خضع للتو لأول اختبار. وربما يختبر الرئيسُ حدود السلطة التنفيذية، حيث أرغم «بوينر» وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ «ميتش ماكونل»، «الجمهوري» من ولاية كنتاكي، على زعامة الفرع التشريعي للحكم واختبار حدود سلطتهم على صعيدي السياسات الداخلية والخارجية. وقد لا يكون ذلك شيئاً صحياً بالنسبة لديمقراطيتنا، إلا أنه ليس ثمة شك بخصوص من بدأه. ثم إنه علينا ألا ننسى أن ماكونل، وبفضل ما قام به «هاري ريد»، «الديمقراطي» من ولاية نيفادا، بات يتمتع اليوم بإمكانية استعمال «الفيتو» على كل التعيينات في الجهاز التنفيذي تقريباً. وفي هذا الصدد، يجدر بنا ألا نتوقع من الأغلبية «الجمهورية» أن تغير قريباً ما قام به «ريد» بخصوص قواعد تأخير وإعاقة مشاريع القوانين لأن المرء يحصد ما زرعه. وعلى أي حال، فإن أوباما ليس الشخص الوحيد الذي يتمتع بـ «سلطة الفيتو» في واشنطن. ذلك أن بوينر يستطيع حمل «فيتو افتراضي» على العديد من الأشياء، و«ماكونل» يستطيع استعمال «الفيتو» على معظم التعيينات في الجهاز التنفيذي. وقد كانت ثمة كلام كثير حول موقف أوباما المتحرر من أي قيود أو إكراهات أثناء تعامله مع الكونجرس مؤخرا، غير أن العاملين في البيت الأبيض ربما سيفكرون مرتين حول مقاربة الرئيس للفيتو بعد أن يحسّنوا معلوماتهم القانونية والدستورية ويستوعبوا جيداً ما قد تُنبئ به زيارة نتنياهو بخصوص العامين المتبقيين من رئاسة أوباما. إد روجرز: محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»