بكل وقاحة تعلن إيران عبر أبواقها أن «ملكيات الخليج في طريقها للزوال». وهي توغل في اتهامها لذات الدول بأنها السبب في هبوط سعر النفط، ولا تقف الاتهامات يوماً عند مثل هذه الأقاويل، بل تتبعه تصريحات ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالدبلوماسية. هذه الوقاحة مردها أن إيران صارت تأتي من باب المندب، وبالتالي صارت مفاصل الأمة العربية بيدها، لذلك تتكلم بكل هذه الصلابة وكأنها حارسة المنطقة بأسرها، وهي صاحبة الحل والربط فيها. والحقيقة أننا ننتظر الغليان من الداخل من فقراء إيران الذين تزيد حالتهم فقراً، وهي تذهب بهم نحو مزيد من الحاجة والظلم. واليوم عندما يتعرض أكراد الحسكة للقتل والتشرد في سوريا بأيادٍ إيرانية رغم بقائهم خارج الثورة ومواليين للنظام، يدل على أن الحقد الإيراني لا ينظر إلا للمذهب ليزيد من حريق الطائفية في المنطقة. فمنذ الاحتلال الأميركي للعراق، وإيران تسفك الدم العراقي دون قلق ولا حتى ندم، وكأن الدمار هذا حلال كون المتضررين منه سُنة. والأمر في حقيقته سياسي، أي يعكس حالة سياسية بامتياز، وينطوي على طمع في تمدد السلطة دائماً التي أخذت الدين والعقيدة شعاراً للهب مشاعر بسطاء العقول، وهو ما حدث حين تضع لكل هذه العقبة باتقان. وتضزم نارها كل يوم بادعاء أن الشيعة أصحاب حقوق مسلوبة، ولعل أحداث البحرين الأخيرة تعلن حقيقة نحاول أن نراها أن إيران لا تغادر البحرين بسهولة، ولن تترك لها أمنها واستقرارها، رغم تكاتف الشعب مع أسرته الحاكمة، فالإيراني الذي يرى البحرين امتداداً لمملكته الوهمية، لن يترك البحرين، وسيجعلها مثالاً على دول الخليج أن تقبل به، وسيتم استنفار خلاياها الناتجة ضد أمن واستقرار دول الخليج. البحرين في وضع صعب، وأميركا مشغولة بتحقيق مصالحها، وهذا هو كل ما يعنيها، خاصة إذا عرفنا اليوم أن أميركا هي التي صنعت أجزاء لبناء المفاعل النووي الإيراني حسب أحد أعضاء الكونجرس الأميركي. فإيران قد تستخدمها الولايات المتحدة ضد دول مجلس التعاون الخليجي، وهي التي تسعى إلى أن ُتمسك بكل الخيوط، حتى لا ينفلت منها أحد أو يطالب أحد بالتحرر من السطوة الأميركية، وهيمنتها على مقدرات المنطقة. ايران اليوم لاعب شرس ومهم في أحداث المنطقة، ولعبة النفط ليست ذات جدوى كبيرة كما يتضح. فما زال «الحوثيون» يتمددون وتتسع سلطاتهم، وما زال الإجرام الإيراني في سوريا مستمراً، وعصا التدخل في البحرين مازالت تضرب الأمن والاستقرار في هذه البلد المسالم الذي فتح ذراعيه للجميع دون تمييز. إيران باتت مصدر إزعاج في المنطقة كلها، ولم تعد إيران تخشى كشف وجهها، بل تحولت إلى دولة متسلطة، تسعى إلى وأد إرادة الشعوب الساعية إلى التخلص من سطوتها وقمعها.