مع تحول ما عرف إعلامياً بـ«الربيع العربي» إلى خريف جاف وبرد قاس دمر البلاد التي مر بها وعصف بالعباد، حتى تمنى من اصطلى بناره عودة الزمن إلى نقطة البداية، أو المراوحة فيما كان، فليس في الإمكان أفضل من ذلك الزمان، بعد هذه الإرصاهات انقسمت دول العالم العربي إلى أقسام ثلاثة، أولها من زعم أن الديكتاتورية هي مصير الأمة العربية، والثاني من رفع شعار، «اصبر على بلاك فهو أفضل ما أتاك»، وقليلة هي الدول العربية التي درست مسببات ثورات الشباب في بعض الدول العربية، ووضعت خططاً استراتيجية كي لا تمر دولهم بمثل تلك التجربة، في مستقبل الأحداث. الصنف الأخطر من الدول العربية هي التي تبنت بديل الديكتاتورية بدلاً للديمقراطية، زاعمة أن العربي ليس مؤهلاً لها، فقيدت الحريات، وقننت الخدمات، وسيطرت على عقول الناس. كممت الأفواه، وأخرست الشفاه، ورفعت شعارات ملخصها لا صوت يعلو فوق صوت المعركة المفبركة، فلا أريكم إلا ما أرى، ولا أهديكم إلا لخيركم الذي نعرفه أكثر منكم ومن غيركم. فهل من المنطق أن تكون الديكتاتورية هي البديل المنطقي للديمقراطية؟ بكل تأكيد الجواب بالنفي، وخير شاهد على ذلك ما نعيشه في هذا البلد المبارك. ففي خضم الفشل والإحباطات، وفي ظل الثورات التي مزقت الدول ونهبت الثروات، تبزغ شمس الإمارات ساطعة، هاتفة بكل العرب أن في الإمكان أفضل مما كان، والعيب ليس في هذا الزمان أو المكان، لكنه مرتبط بقيادة لها هدف، ومواطن هو مركز الحدث، وكم يفرح الإنسان وهو يقرأ ما خطه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في رسالته التي فاجأ بها موظفي الحكومة الاتحادية في مطلع الأسبوع المنصرم، حيث شكرهم على جهدهم، وحثهم على المزيد من العطاء، الذي ليس له فضاء، كل فقرة من تلك الرسالة بحاجة إلى دراسة لا تكفيها هذه المقالة، فمع مرور تسع سنوات على حكومته، وبفضل حكمته الإمارات كسرت حاجز التوقعات. فغيرنا يعيش عالم الإحباطات ويعشق درب الإخفاقات، والإمارات في المقابل تعيش بفضل الله تعالى وتوفيقه في حياة ملؤها الإنجازات، وكم هي قريبة قيادة الإمارات من شعبها. فمؤسس وطننا كان يوسم كتابه بوالدكم زايد. رحم الله الشيخ زايد، وفي أثره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يبدأ خطابه بإخواني وأخواتي، ويختمه بكل تواضع: أخوكم محمد بن راشد آل مكتوم، مجرداً من كل لقب هو أهل له. من أراد أول درس من أجل دول بعيدة عن الاضطرابات قريبة من الإنجازات، فليتعلم من قياداتنا، التي لا تحول بيننا وبينهم الحجب، أو الرسميات، لذلك تحققت لنا ما عجز عنه غيرنا، فكم جميلة الإمارات ونحن نقرأ في عالم التغريدات كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في «تويتر»: «احتلت الإمارات المركز الأول عالمياً في مؤشر الثقة في الحكومة ومتانة الاقتصاد، والمركز الأول في قدرة الحكومة على تحفيز الابتكار بالقطاع الخاص، وفق مؤشر مؤسسة (إدلمان) في نيويورك». وأهم درس يبعد العرب عن سوء الديكتاتوريات إلى فضاء الإنجازات قول سموه: «الإمارات لديها نموذج مختلف ومتفرد في التنمية، والعلاقة بين الحكومة والشعب قائمة على الثقة المتبادلة والمحبة». نعم لدينا قيادة تحبنا ونحبها، تقربت من شعبها فدان بالولاء لها. الإنسان العربي له طموحات من حقه أن يراها في بلده، فهو يقارن نفسه بغيره ويسأل نفسه، لِمَ أنا كذلك: هل العيب فيّ، أم في من يسوسني، فهل من متتبع لسُنة أهل الإمارات كي نبعد الدول العربية عن الثورات؟