مصر كادت تذهب إلى مصير مجهول لولا تدخل وطنية الجيش الذي أبى الرضوخ لمطالب الحكم الأصولي المتطرف، الذي تبناه «الإخوان» ولم يمض على حكمهم عام واحد، ومن رحمة رب العباد بالشعب المصري أنه اختار لنفسه طريقاً آخر بعد أن تولى السيسي مسؤولية انتشال مصر من براثن مخالب «الإخوان» عبر خريطة الطريق التي أجمع عليها الشعب بكل قواه السياسية والاجتماعية والمدنية. وبعد أن وضحت الرؤية وزالت آثار الضباب «الإخواني» عن كاهل مصر، وقفت دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات مع الشقيقة الأكبر في عالم العرب، من أجل إنقاذ مصر بكل ما تملك من إمكانات هائلة من الداخل لتقف على قدميها بعد أن أدمتها «كلاليب» اختطافها بيد «الإخوان». ومنذ أيام قليلة استقبلت الإمارات ضيفها الشقيق ورئيس مصر الكريم السيسي بعد أن هدأت الأوضاع هناك بوقوف الأشقاء معها في تلك المحنة التي كادت تحول مصر إلى مشروع «إخواني» فاشل، لكي تضم إلى المشاريع التي خسرت منذ البداية في مهدها في الدول الأخرى التي تغيرت أنظمتها السياسية وقياداتها، ولم تهنأ بالحكم الرشيد حتى اللحظة. جاء السيسي إلى الإمارات ليؤكد أن مصر مختلفة عن سابقاتها، وأنها قادرة على استعادة مكانتها في قلب الأمة العربية والإسلامية على حد سواء، وهي اليوم على أتم الاستعداد لتصبح خط الدفاع الأول عن أمن الخليج الذي وصفه السيسي بالخط الأحمر وأنه جزء لصيق من أمن مصر غير قابل للتجزئة، وأن المسافة التي كانت قبل أشهر قدر السكة، قد باتت أقرب من ذلك إلى الخليج بكثير. لابد لنا هنا من وقفة مع تاريخ الإمارات مع مصر وعلاقتها الوجودية بها، وذلك عندما خرجت مصر عن السرب العربي مع توقيع السادات لمعاهدة السلام ولمدة قاربت العقدين من عمر التاريخ الصعب، حتى جاء حكيم العرب المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان صادحاً ورافعاً صوت الحق عندما طالب بوقف هذه المقاطعة الجائرة على وجه السرعة، لأن بقاء مصر في تلك الحالة، ضعف شديد للعرب، وفي صالح العرب جميعاً عودة مصر من جديد إلى الحضن الدفيء للعرب حتى تصبح لنا ظهراً وسنداً وعزوة في وقت المحن والشدائد. ولم تمر فترة على هذه الوقفة التاريخية المليئة بمعاني الرجولة الحقة حتى زار الشيخ زايد مصر منهياً تلك المقاطعة الظالمة، مرسياً دعائم الحق والعدل في وقت كانت فيه الذئاب تتكالب على الأمة لخلق مزيد من الفرقة والتشتت للعرب، وهذا الذي لم يرضِ عنه زايد - رحمه الله. ودارت الأيام وبعد أكثر من عقد على وفاة زايد القائد الرشيد تقع مصر من جديد تحت طائلة مشكلة أكبر وأعظم من معاهدة السلام، وهي تولي «الإخوان» زمام الحكم في مصر في لحظة تاريخية فارقة، كادت فيها مصر تتحول إلى مشروع أقرب للصوملة إلا أن التاريخ المشرق لزايد رحمه الله بانت نتائجه لدى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» حين أعاد إلى الحياة ما كاد يذهب في ذاكرة النسيان عندما هب للاضطلاع بالدور المناسب في إنقاذ مصر من مصير أفظع مما مر عليها على مدى تاريخها المعاصر، فكان أن وجّه ولي عهده الأمين الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالقيام بكل ما هو مطلوب من أجل التمسك والحفاظ على وحدة مصير الأمة في دعم مصر بشتى الطرق، وإيقاف المهزلة التي تبناها أهل الفكر المتطرف والغارق في الإرهاب حتى أذنيه، دفاعاً عن لُحمة الأمة العربية التي لا يمكن حلها عن عظم مصر ولا عظمتها على مدى التاريخ. فزيارة السيسي إلى بلده الثاني الإمارات تحمل هذه الروح العروبية الخالصة والبعيدة عن الشعارات الزائفة، التي تم ترديدها لعقود، فاليوم تبني الإمارات لمصر ما يصبح شوكة غائرة في عيون أصحاب الفكر المتطرف الذين يضعون الأوطان تحت أقدامهم بدل أن تكون تيجاناً يفتخر بها الإنسان العربي في كل مكان وليس في مصر والإمارات فحسب.