في ظل الأوضاع المضطربة التي تعيشها المنطقة العربية، تتعاظم الحاجة إلى تعزيز الصناعات العسكرية الوطنية، لا سيما الجانب الدفاعي منه، وهذا ما أدركته دولة الإمارات العربية المتحدة منذ وقت مبكر، فسعت بدأب إلى تطوير صناعتها العسكرية وتعزيزها، فتمكنت خلال السنوات الماضية من تحقيق الكثير من الأهداف في هذا المجال، ولاقى العديد من منتجاتها العسكرية نجاحاً باهراً في العديد من المعارض الدولية. وفي إطار دعمها لهذه الصناعة المهمة، فقد استضافت الإمارات مؤخراً الدورة السابعة عشرة لمعرض «إنترسيك للأمن والسلامة»، وشهد المعرض زيادة بمقدار 27% في عدد الشركات والعارضين الإماراتيين المشاركين في هذا المعرض الدولي المهم هذا العام، كأحد مظاهر تطور الصناعة العسكرية الإماراتية. جدير بالذكر أن العام الماضي شهد اندماج عدد من شركات الصناعات العسكرية في الإمارات، في شركة واحدة متكاملة للخدمات والتصنيع العسكري، تحت اسم «شركة الإمارات للصناعات العسكرية»، وشهدت الفترة الأخيرة إصدار قرار وزاري لتأسيس الشركة رسمياً، برأسمال يقدر بنحو مئة وثلاثين مليون درهم، وتضم الشركة في المرحلة الأولى إحدى عشرة شركة من الوحدات التابعة لشركات «مبادلة للتنمية» و«توازن القابضة» و«مجموعة الإمارات المتقدمة للاستثمارات»، ومن المخطط ضم وحدات جديدة إلى الشركة في المراحل التالية. وبشكل عام، فإن تأسيس الشركة الجديدة يمثل خطوة مهمة للإمارات نحو دعم صناعاتها العسكرية وزيادة قدراتها التنافسية على مستوى المنطقة والعالم، بما يصب في نهاية المطاف في مصلحة القوات المسلحة الإماراتية، ويحقق المزيد من الحماية لأرض الإمارات وأمنها. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تملك من المقومات ما يؤهلها للتفوق في الصناعة العسكرية، وأول المقومات، هو الدعم الكبير من قبل القيادة الرشيدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والرعاية الكريمة من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، باعتبار أن الصناعة العسكرية ركيزة أساسية في الاستراتيجية الوطنية في مجال الدفاع، فضلاً عن دور هذه الصناعة في تنويع مصادر الدخل وتعزيز فرص النمو واستدامة التنمية الشاملة في الدولة. من ضمن المقومات أيضاً، مقدار الطموح الكبير الذي تمتلكه الإمارات في شأن تطوير الصناعة العسكرية الوطنية، حيث كشفت في عام 2011 عن خطة استراتيجية لبناء قاعدة صناعية عسكرية وطنية، تقوم على تعزيز كفاءة صناعة التسليح المحلية عبر تشجيع المؤسسات الإماراتية للاستثمار في هذا القطاع، وعبر تأهيل الخبرات والكوادر البشرية الوطنية لأخذ زمام المبادرة في هذا المجال الحيوي، وتعزيز فرص اكتساب المعرفة ونقل التكنولوجيا بالتعاون مع المؤسسات الدولية الكبرى، والاطلاع على مستجدات صناعة التسليح وتطوراتها حول العالم، عبر استضافة المعارض الدولية في مجالات الأمن والدفاع والمشاركة فيها أيضاً، ومن أهم المعارض في هذا الإطار يأتي معرض ومؤتمر الدفاع الدولي «آيدكس»، وكذلك معرض «إنترسيك للأمن والسلامة»، الذي نحن بصدده. لا شك في أن الخطوات التي اتبعتها الإمارات طوال السنوات الماضية، كان لها أثر كبير في تعزيز وجود صناعتها العسكرية الوطنية على خريطة الصناعات العسكرية العالمية، فضلاً عن تعزيز قدرات قواتها المسلحة على حماية أرضها وأمنها ضد أي تهديدات، ويتوقع أن تحقق المزيد من النجاح في هذا الإطار في المستقبل، ففي تقرير نشرته مجلة «فورين أفيرز» الأميركية، مؤخراً، توقعت المجلة نجاح الإمارات في تصدير صناعاتها العسكرية بشكل ثابت، في فترة تتراوح ما بين خمس وخمس عشرة سنة، وهو ما يكشف عن مستقبلها الواعد في هذه الصناعة.