تستعد القنوات العربية مع مطلع 2015 لعرض الجزء الرابع من مسلسل حريم السلطان؟ وحسب التاريخ، فالسلطان سليمان القانوني أول من اتخذ له زوجة من الأسيرات الروسيات التي حملت اسم (الخوريم) أي الضاحكة. وكانت أكثر من ذلك فقد سلبت قلب السلطان الجبار ولم يجد الراحة إلا بين أحضانها. وعرفت في التاريخ باسم (روكسيلانا). كانت تتقن الرقص والتزين وحبك الدسائس، وعلى يدها سالت دماء كثيرين من الأبرياء، ومن دماغها تفتقت شرور عجيبة من المكائد، وأمام عينيها حيكت الدسائس المروعة، ومن نسلها خرج ملوك كثيرون، وعلى يدها دشنت بداية النهاية والانحدار لدولة بني عثمان هكذا يقول المؤرخون. وبداية الدولة العثمانية، ترجع إلى الملك «بايزيد»، الذي خسر معركة أنقرة عام 1402 م في مواجهة تيمورلنك (تيمور الأعرج)، ووقع في الأسر ومات قهراً، وقيل إن تيمورلنك حبسه في قفص حديدي. ويمكن مراجعة ما كتبه (مالك بن نبي) في كتابه «وجهة العالم الإسلامي» تحت فكرة «عمى التاريخ»، كيف أن معركة «أنقرة» أنهت حملة بني عثمان على أوروبا، وانتصر العاتي تيمور الأعرج، ودمر دولة بني عثمان الناشئة، وأصبحوا شذر مذر كما يقول البشر. كان لبايزيد خمسة أولاد تنازعوا وتنافسوا بعد كارثة معركة أنقرة، ولم تقم قائمة الدولة إلا على يد السلطان (محمود جلبي)، المهم أن الدولة العثمانية قامت بعد تلك الكسرة، وهي أشد قوة ومراساً، ومشت إلى منصة التاريخ بوثوق وقوة واقتدار، وعاشت خمسة قرون، وكان يمكن أن تنتهي في أقل من قرن، وتلك الأيام نداولها بين الناس. في شهر سبتمبر من عام 1520 جاء السلطان سليمان إلى الحكم وسماه الأوربيون العظيم، وبقي اسمه في الثقافة العربية باسم «القانوني» وكتبت عنه قصص وروايات، منها ما نشرته مجلة «ريدرز دايجست» بقلم «ميرل سيفري»، ومنها رواية جميلة قرأتها أنا شخصياً في إحدى أسفاري، وهي عادة أفعلها مع كل سفرة، فأقرأ رواية اختارها، وقد يسعفني الحظ فتكون جميلة، وقد تكون مرعبة كما حصل معي في رواية جنكيزخان بقلم (رونييه غروسيه)، وأما رواية سليمان القانوني بقلم (هارولد لامب) فكانت بعمومها ممتعة مسلية، وفيها شيء من الحزن للنهايات الأليمة لأقرب الناس من السلطان سليمان القانوني؛ فـ (الخوريم) استطاعت بدهاء أن تصفي أقرب الناس من السلطان من الأحباء والقريبين بالتقسيط والتدريج، وفرداً فرداً، وهكذا قتل ابنه مصطفى بيده في (ديار بكر) وأمام عينيه، من امرأته الشركسية (جول) وتعني الوردة، ولما شنق بثلاث أوتار واقفاً، قال إنها أفضل ميتة أموتها بيد والدي. فمنه خرجت وبيده انتهيت. وألحقت به الخوريم حفيده فلعل الصبي الرضيع يطالب الثأر لوالده المقتول، أو عرشه المستلب، فنحر بين يدي أمه وهي تنتحب. وكانت هذه من أقبح العادات عند سلاطين بني عثمان؛ فحالما جاء سلطان إلى سدة الحكم سارع إلى الفتك بجميع إخوته، وبفتوى من شيخ الإسلام وبآية من القرآن، أن الفتنة أشد من القتل فقتلوا من دون تردد حفاظا على العرش؟ وهو أمر لا يكاد المرء يصدقه، ولكنها رواية ذكرها صاحب كتاب (الدولة العلية) المحامي فريد، الذي ذكر تكرار هذا التقليد دفعا للفتنة، فكانوا ينحرون الأخوة كي يستتب الحكم لواحد مطلق. وفي النهاية، قتل السلطان سليمان القانوني صهره الصدر الأعظم إبراهيم أيضاً من وراء تآمر (الخوريم) الضاحكة، التي فجعت هي أيضاً لاحقاً بمقتل ابنها الكبير، الذي هرب إلى الدولة الصفوية الفارسية، فأرسل له القانوني من دبّر خنقَه في الظلام. وتلك الأيام نداولها بين الناس.