يصور غلاف العدد الجديد من مجلة «شارلي إيبدو» النبي محمد تحت عبارة «الجميع مغفور لهم». وذكر كاتب في المجلة الساخرة أن العنوان يعد بمثابة رسالة للإرهابيين مفادها «أننا لا نستطيع أن نكرههم». ولكن هناك من وجد أن الغلاف ما هو إلا استمرار لميل«شارلي إيبدو» منذ فترة طويلة لإهانة ومواجهة المسلمين. ووصف أحد زملائي ممن يؤيدون حق رسامي الكاريكاتير في التعبير عن أنفسهم هذا بالتفاهة؛ بينما وصفه آخر بأنه عمل صبياني، وقال ثالث «إن الأمر يبدو وكأنهم يبحثون عن المتاعب». وربما كانت العلاقة بين المسلمين والغرب هي إحدى ضحايا فرنسا في هجمات 11 سبتمبر. وبعد القتل المروع لـ 17 شخصاً في باريس الأسبوع الماضي، امتدت هذه العلاقة المتوترة بالفعل إلى نقطة الانهيار. وتتحرك ردود الأفعال لهذه الأعمال الإرهابية في اتجاهات مختلفة. وكان آخرها يتمثل في سلسلة من المظاهرات المناهضة للإسلام والمهاجرين في مدينة «دريسدن» بألمانيا، والتي قيل إنها حشدت 25 ألف شخص، مقابل 18 ألفا احتشدوا قبل هجمات «شارلي إيبدو» و350 فقط عندما بدأت هذه المظاهرات في أكتوبر. إن الهجمات على المسلمين آخذة في الزيادة في أوروبا. ولكن عندما اجتمع قادة العالم في باريس لنعي القتلى، تساءل الكثيرون في منطقة الشرق الأوسط لماذا كل هذا التدفق لوفاة 17 شخصاً، بينما قُتِل الآلاف في غزة وسوريا والعراق ونيجيريا، وأماكن أخرى، علاوة على مقتل عدد لا يحصى من المسلمين بوساطة هجمات الطائرات من دون طيار. وهم يسألون: لماذا يحضر رؤساء الدول تأبين ضحايا «شارلي إيبدو» ولا يحضرون تأبين 132 من أطفال المدارس الذين ذبحوا في باكستان في شهر ديسمبر؟ بالنسبة للمسلمين، من السيئ جداً أن يبدو مقتل هؤلاء الأطفال بأنه يؤخذ على نحو أقل جدية في الغرب، بينما تتم الإشادة برسامي الكاريكاتير الذين رسموا عمداً رسومات مسيئة. إنني لا أعرف أي شخص يتعاطف مع القتلة، ولكن هناك من يفهمون غضبهم. إن الريبة تتدفق في كلا الاتجاهين. وبينما تحظى الجماعات السياسة في أوروبا، مثل حزب «الاستقلال» البريطاني في المملكة المتحدة وحركة «بيجيدا» في المانيا و«الجبهة الوطنية» في فرنسا ، والتي تؤثر حماية مصالح المواطنين على مصالح المهاجرين، بشعبية في أوروبا، يشعر الشرق أوسطيون بأنهم مهددون، وفي موقف دفاعي. ولا يصدق أحد من طلابي أن المشتبه به في القيام بتفجيرات بوسطن «جوهر تسارنييف» مذنب. وتفسيري هو أنه يبدو أن هناك قدراً كبيراً من الأدلة ضد الشاب، لكنهم لا يملكون أيا منها. وبالنسبة لهم، فإن الولايات المتحدة لديها مشكلة خطيرة تتعلق بالمصداقية، حيث قالت للديكتاتور السوري بشار الأسد إن استخدام الأسلحة الكيماوية سيعتبر تجاوزاً لـ«الخط الأحمر»، لكنها لم تُفَعِّل ذلك. ولا تزال القائمة مستمرة. إنني أقول لطلابي إنه على الرغم من أن الرسوم الكارتونية هي رسوم مسيئة، إلا أن الفنانين الذين لا إحساس لهم لديهم الحق في رسم ما يشاءون. ولا ينبغي علينا النظر إلى أعمالهم. بعض الطلاب يفهمون ذلك، والبعض لا يفهم. وفي المجتمع الشرق أوسطي، عادة ما نحرم أنفسنا من الراحة كي نريح شخصا آخر. ولهذا السبب قالت لي إحدى الطالبات إنها كانت تتمنى لو أظهر رسامو الكاريكاتير ضبط النفس وأن يحجموا عن إهانة العديد من الأديان والأعراق. وقد أخبرتها أن الرقابة الذاتية هي مسار بائس، فردت «أي بؤس أكثر مما نحن فيه؟». ياسمين بحراني أستاذ الصحافة بالجامعة الأميركية في دبي ينشر بترتيب خاص مع «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»