مسلمو فرنسا أمام "لحظة الحقيقة".. ولا حصانة لأميركا من سيناريو "شارلي" «نيويورك تايمز» في مقاله المنشور أول أمس بـ«نيويورك تايمز»، وتحت عنوان «لحظة الحقيقة لمسلمي فرنسا». قال الأديب الفرنسي ذو الأصول المغربية طاهر بن جلون إن المصلين المسلمين رفعوا بعد صلاة الجمعة الماضية في المسجد الكبير بالعاصمة باريس، شعارات من بينها: «ارفعوا إيديكم عن بلادي»، «ارفعوا أياديكم عن رفاقي»، إضافة إلى لافتات أخرى تصف من نفذوا الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» يوم الأربعا الماضي بأنهم ليسوا مسلمين حقيقيين. معظم مسلمي فرنسا يشعرون أنهم فرنسيون تماماً، ويرغبون في أن يقبلهم المجتمع الفرنسي كفرنسيين. ولفت بن جلون الانتباه إلى أن الإسلام لدى كثير من الشباب المسلم في فرنسا، بات أكثر من مجرد دين، بل بالنسبة لهم أصبح مصدراً لثقافة لم تتمكن فرنسا في ترسيخها لديهم، ولدى بعض هؤلاء الشباب تم استبدال الرغبة في الحياة برغبة في الموت: موت الآخرين الذين يعتبروهم كفاراً، هم يسعون للموت لأن الشهيد يدخل الجنة، وفق هذا المنطق يسعى تنظيم «داعش» ومن قبله «القاعدة» إلى تجنيد متطوعين وتدريبهم في العراق واليمن وباكستان وليبيا. وحسب «بن جلون»، لم تعط الحكومة الفرنسية الاهتمام الكافي لمنطقة الضواحي التي يعيش فيها هؤلاء الشباب المنحدر من أسر مهاجرة، الذين باتوا هدفاً للتنظيمات الإسلامية، لا سيما في أماكن تخلت عنها الدولة. اللهجة العنصرية المتنامية لـ«الجبهة الوطنية» التي تشكل اليمين المتطرف في البلاد، وأيضاً خلال السجالات الراهنة للنخب الفرنسية المثقفة، تطلق اتهامات بحق المهاجرين، مفادها يلحقون الضرر بالشخصية الفرنسية، ما يثير الاستياء لدى الشباب المسلم المنحدر من أسر مهاجرة، خاصة وأن فرنسيتهم لطالما ظلت محل تساؤل، ولا يتم أخذها على محمل الجد. وحسب «بن جلون» ، فإن تغيير الحياة اليومية لمسلمي فرنسا أمر يتطلب رؤية سياسية جديدة، وتصميما حقيقيا على مواجهة المشكلات التي يعاني منها سكان الضواحي، والاعتراف بهوية الشباب الفرنسي، الذي تم تركه ليجد نفسه ضحية للعنصرية عندما يبحث عن عمل أو حتى يبحث عن اللهو، إينما ذهب، ومن المهم بذل جهود في تطوير المناهج التعليمية ومراجعتها كي تعكس التنوع الفرنسي، على أن تظهر مناهج جديدة تتضمن تاريخ الأديان وتقدم معلومات عن العرقيات. «ميامي هيرالد» تحت عنوان «الولايات المتحدة ليست مُحصنة من الهجمات الإرهابية من النوع الذي شهدته فرنسا»، رأت «ميامي هيرالد» أن أمن الفرنسيين بات معرضاً للتهديد، والأمر نفسه ينطبق على الولايات المتحدة وباقي أرجاء العالم المتحضر. الرئيس الفرنسي، أوضح أن الفصل المرعب الذي شهدته بلاده لم ينته بعد، وحسب الصحيفة، فإن «الإرهاب المجزأ» أي من النوع الذي يطال المراكز التجارية والمطاعم والأماكن العامة لا يمكن أن يصبح واقعاً عادياً لدى العالم الغربي، ويبدو أن فرنسا حُشرت في الجبهة الأمامية مثلما حدث في الولايات المتحدة يوم الحادي عشر من سبتمر 2001. وتقول الصحيفة إن قيم الفرنسيين تتعرص الآن لتهديد هو الأكبر منذ الاحتلال النازي الذي تعرضت له فرنسا عام 1940. هذه المرة يأتي التهديد من داخل فرنسا، أي من عدو داخلي. الصحيفة قالت إن «أحمد كولبالي» البالغ من العمر 26 عاماً، والذي احتجر الرهائن في متجر المنتجات اليهودية كان قد أجرى عام 2009 مقابلة مع صحيفة فرنسية ضمن مجموعة تضم 500 شاب قابلوا الرئيس الفرنسي من أجل مناقشة مشكلة البطالة. الصحيفة حذرت من أنه مع مرر الوقت يتجه الشباب الذي يعاني الحرمان إلى عصابات المخدرات والجريمة وهناك أعداد مثيرة للقلق تتجه إلى تنظيمات إرهابية كـ«داعش» و«القاعدة»، بل إن هذه التنظيمات تتنافس في ما بينها لكسب عقول وقلوب هؤلاء. الولايات المتحدة ليست محصنة، ففي عام 2009 سلّط مكتب التحقيقات الفيدرالية الضوء على مجموعة إرهابية جندت شباباً من الصومال كان بحوزتهم جوازات أميركية، ثم اختفوا من ولاية مينسوتا. «كانساس سيتي ستار» في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان «جريمة القتل في شارلي إيبدو هجوم على حرية التعبير والحرية في كل مكان»، قالت «كانساس سيتي ستار» إن حرية التعبير لا تأتي مجاناً والأمر نفسه ينطبق على حرية الصحافة. الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» تم ربطه على الفور باعتياد الصحيفة منذ فترة طويلة نشر رسوم كاريكاتورية تسخر من الإسلام، لكن- والكلام للصحيفة- لا يمكن تبرير قتل الأبرياء بأي سبب كان. ما حدث في باريس يأتي ضمن محاولات أخرى للحد من حرية التعبير، وهذا ما ظهر في الهجوم على شركة "سوني" التي بثت فيلم «المقابلة» الذي يحتوي ضمن مشاهده على محاولة لاغتيال الرئيس الكوري الشمالي «كيم جونج أون». وحسب الصحيفة لقي 60 صحفياً مصرعهم في عام 2014 ، وعدد القتلى من الصحفيين في 2013 كان 70 صحفياً، وفي 2012 كان عدد من فقد حياته بحثاً عن الحقيقة 70 صحفياً .. ولحسن الحظ أن معظم الصحفيين الذين يطلعون العامة على الأخبار ويتحدون أصحاب السلطة في مأمن، لكن مجزرة الأربعاء في باريس تذكرنا بأن التهكم وغيره من أشكال التعبير معرّضة للهجوم حتى في المجتمعات الحرة. إعداد: طه حسيب