البيانات التي أصدرتها «الهيئة الاتحادية للجمارك» بشأن ارتفاع التبادل التجاري غير النفطي لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى نحو 794.3 مليار درهم في النصف الأول من عام 2014، والتي تأتي امتداداً لما أظهرته بيانات «منظمة التجارة العالمية» بشأن ارتفاع التجارة الخارجية للدولة وتجاوزها نحو 610 مليارات دولار في عام 2013، ونموها بنحو 17.3% مقارنة بعام 2012 بنحو 520، تعكس المكانة المتصاعدة للإمارات على خريطة التجارة العالمية، الأمر الذي يأتي تحقيقاً لأهدافِ السياسة التجارية الإماراتية الطموحة، التي تقوم على تنويع علاقاتها التجارية مع العالم الخارجي، وتسعى إلى ضمان استدامة نمو هذه التجارة، الذي هو جزء من استدامة النمو بالاقتصاد الوطني، وحائط صد ضد مخاطر تركز العلاقات الخارجية في مجموعة محدودة من الدول، وضد أي أزمات متعلقة بالتجارة العالمية وبالاقتصاد العالمي بشكل عام. السياسة التجارية الإماراتية تستهدف الاستفادة من التغيرات الهيكلية التي تشهدها خريطة التجارة العالمية في الوقت الراهن، وصولاً إلى جعل الاقتصاد الإماراتي مركزاً مهماً ولاعباً أساسياً فيها. والنمو الكبير في التبادل التجاري مع دول العالم، والذي من شأنه تحسين نصيبها في إجمالي التجارة العالمية، يعد خطوة مهمة تجاه إدراك هذا الهدف الجوهري، وخصوصاً أن ما تمر به التجارة الخارجية للإمارات الآن من نمو سريع، يقابله ضعف وتباطؤ شديدان في نمو التجارة العالمية، فمعدل النمو السنوي للتجارة الإماراتية بارتفاعه إلى هذا المستوى يكون قد تجاوز نحو ستة أضعاف معدل النمو الخاص بالتجارة العالمية، وقد أسهم ذلك في تقدم الإمارات إلى المرتبة الخامسة والعشرين عالمياً وفقاً لحجم التجارة مع العالم الخارجي، وتقدمها إلى المرتبة السابعة عشرة بين أكبر المصدّرين في عام 2013، وذلك بعد أن كانت تحتل المرتبة الثامنة عشرة والمرتبة العشرين عالمياً، بين أكبر المصدّرين في عامي 2012 و2011. وبجانب ما يحمله صعود الإمارات المتواصل على خريطة التجارة العالمية من معانٍ إيجابية ظاهرة للعيان، فإن هذا الصعود يعكس في معناه الحقيقي أيضاً تحسناً في القدرات التنافسية للمنتجات الإماراتية في الأسواق العالمية، فما كان للتجارة الخارجية للإمارات أن تنمو هذا النمو، وخصوصاً إذا تعلق الأمر بجانب الصادرات، لولا أن هناك طلباً متزايداً عليها في الأسواق الخارجية. وتجدر الإشارة إلى أن السنوات المقبلة ستكون حاسمة في إعادة رسم خريطتي التجارة والاستثمار العالميتين، فمن المتوقع أن يُعاد ترتيب الدول على قوائم التصدير والاستيراد والاستثمار العالمية، وأن تحدث تبدلات وتغيرات جوهرية في موازين القوى على هاتين الخريطتين بشكل عام، ومن المرجح أن تتراجع قوى تقليدية ظلت مستحوذة على التجارة والاستثمار العالمي في الماضي، لتترك مواقعها لصالح دول صاعدة ونامية، وهو ما يفتح الباب أمام دولة الإمارات العربية المتحدة ويمنحها فرصة ذهبية لتحقيق أهدافها الطموحة، في ظل ما تبذله من جهود حثيثة وفي ظل خططها وطموحاتها الكبيرة، تحقيقاً لرؤاها الاقتصادية والتنموية الشاملة والبعيدة المدى، والتي تسعى إلى وضع اسمها بين أهم النماذج الاقتصادية والتنموية على مستوى العالم، والمنافسة على المراكز الأولى في جميع المؤشرات الاقتصادية والتنموية، وهو ما بدأ يتحقق بالفعل في العديد من المجالات، كالبنية التحتية والتكنولوجية والإبداع والابتكار، وغيرها، بل إنه وصل أيضاً إلى مؤشرات تمكين التجارة ذات العلاقة المباشرة بخريطة التجارة العالمية التي نحن بصددها. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية