تحاول البنتاجون معرفة الأسباب التي جعلت تنظيم «داعش» يجتذب الأتباع والمؤيدين، وتساءل الميجور جنرال «مايكل ناجاتا» الذي يقود قوات العمليات الخاصة التابعة للجيش الأميركي في الشرق الأوسط، من خلال محاضرة ألقاها في مؤتمر مخصص لمناقشة هذا الموضوع شارك فيه خبراء عالميون: «ما سرّ هذه الهالة المغناطيسية التي تصنع شهرة داعش؟». وأضاف: «إنهم ينجحون في حشد المزيد من الناس وكأنهم قطعان». ويتعلق الأمر بجماعة من الشبّان صغار السنّ الغاضبين على الواقع، الذين فهموا «الجهاد» على أساس أنه عمل ناجز سريع النتائج يمكن أن يؤدي إلى النتائج التي ينتظرونها، وقال «سكوت أتران» العالم المتخصص في العلوم الإنسانية، والذي أنجز دراسة للبحث في العوامل التي تدفع بعض الناس للانضمام إلى التنظيمات الجهادية: «إن ما يجذب أكثر الإرهابيين ميلاً لارتكاب الأفعال الدموية الشنيعة هذه الأيام، ليست تعاليم القرآن ولا التربية الدينية الخاطئة، بل هو البحث السريع عن الشهرة والتميّز في أعين الأقران والأصدقاء»، والشيء الوحيد الذي نجح فيه هؤلاء الإرهابيون هو أنهم جعلوا من قتل البشر مهمة لا تحتاج إلى الكثير من العناء أو تأنيب الضمير، ولقد أرادوا من خلال هذا السلوك أن يقدموا صورة عن «مجاهديهم» توحي بأنهم رجال شجعان، ولهم شأنهم فوق أرض المعركة. ويستمد تنظيم «داعش» هذه «القوة» من قدرته على تضليل البسطاء من الناس، وتقديم نفسه على أنه المثل الأعلى للإيمان الديني والدفاع عن المعتقدات الإسلامية، وهي الأطروحات التي تلقى رواجها في أوساط الشبان ذوي الخلفيات الثقافية المتواضعة، خاصة في الشؤون الدينية. ويسخّر هذا التنظيم المظهر المرعب لممارساته من أجل توسيع نطاق تأثيره وتعميم شهرته وإرباك أعدائه ودبّ عنصر الخوف في نفوسهم. ومما يفضح ممارساته، شهادات حيّة وردت على ألسنة بعض المغرّر بهم من الذين جاؤوا من بقاع الأرض المختلفة للانضمام إليه، ولكنهم سرعان ما شعروا بخيبة الأمل، ومنهم متطوع فرنسي جاء إلى حلب للانضمام إلى «داعش» من أجل «الجهاد»!، ولكنه فوجئ بواقع غير الذي تخيله، وقال في رسالة وجهها إلى صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية: «أنا لا أفعل شيئاً هنا سوى غسل الملابس والأطباق وتحضير الطعام». وربما تنجح مهمة الإبراز الإعلامي واسع النطاق للوحشية التي يتخذ منها تنظيم «داعش» شعارا في إثارة المشاعر المعادية له بين الناس، إلا أنها لن تؤدي مفعولها بين مقاتليه المتطرفين، ولهذا السبب، نحن نحتاج إلى تصحيح أسلوب تعاملنا مع هذا التنظيم الإرهابي، وبحيث لا نساهم في تحويل الإرهابيين إلى مشاهير، من خلال نشر منجزاتهم المرعبة على صفحات الجرائد والمواقع الاجتماعية، وأن نثبت لهم بأنهم يخوضون حرباً خاسرة لن ينتصروا فيها، وأن «داعش» في طريقها إلى الهزيمة. فرجينيا بوستريل: محللة اقتصادية واجتماعية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"