الإجازة تعد انقطاعاً للموظف عن عمله لمدة محددة بموافقة الجهات المختصة، وهي تعبر عن ابتعاد التلاميذ عن مدارسهم لفترة من حياتهم. في كلا الأمرين الإجازات تعد حاجة بشرية وضرورة من الناحية النفسية، فهي تكسر «رتم» الحياة التقليدي الذي أصاب الكثير منا بالملل والتأفف والضجر من مجريات اليوم، وهي تمثل فرصة للإنسان لإنجاز بعض الأهداف التي لم يكن ليحققها مع «رتم» الحياة المتسارع، كما أن لها آثاراً إيجابية تتلخص في عودة الإنسان إلى حياته المهنية، أو الدراسية بشيء من الإيجابية، بعد أن انشغل فيما يحب ويهوى، وتغيرت عنده مجريات الليل والنهار، فرجع منشرح الصدر جاهزاً لمتطلبات المهنة والدراسة، بيد أن الإجازات في دولة الإمارات بحاجة إلى وقفات من قبل جهات الاختصاص كي نجني فوائدها بصورة أفضل. الوقفة الأولى، تتمثل في عودة مدارسنا وجامعاتنا إلى مربع الصفر، حيث شهد هذا العام في مستهله تبايناً في مواعيد الإجازات بين المنظومة الحكومية من جانب،وبعض المدارس الخاصة من جانب آخر، فبالرغم من توجيهات مجلس الوزراء الموقر بتوحيد مواعيد الإجازات، رأينا عملياً أن بعض المدارس الخاصة أجزت لثلاثة أسابيع، وأخرى لأسبوعين، بينما الجامعات التزمت بثلاثة أسابيع المتفق عليها، عملياً هذا الأمر أدى إلى ارتباك الأسر في تخطيط برامج إجازاتهم، كما انعكس الأمر سلباً على انتظام التلاميذ في المدارس التي عُطلت لأسبوعين فقط، فهل من المعقول أن ينتظم بعض الأبناء في الدراسة، ويكون إخوانهم في المنزل؟! وهل تجاوزت المدارس التي توقفت عن العمل لأسبوعين النظام، وتحتاج إلى مساءلة من قبل الجهات المختصة، هذا الأمر نُرجعه لأهله. الوقفة الثانية، مع إجازات الجامعات التي لا تتناسب، في جلها، مع نظام الساعات المعتمدة المطبق، ففي الجامعات الحكومية التي توقفت الدراسة فيها ثلاثة أسابيع، ينتظم الطلبة في دراستهم اليوم الأحد لاستئناف موادهم الدراسية، لمدة أسبوع، شخصياً، لا أعرف ماذا سيفعل أعضاء هيئة التدريس خلاله؟ هل هو للمراجعة بعد انقطاع، أم هو للاستعداد للامتحانات التي تبدأ الأسبوع التالي؟ المشكلة هنا تتلخص في جودة هذه الإجازة، فهل يستمتع بها الطلاب، وهم راجعون بعدها للامتحانات وتسليم مشاريعهم البحثية ومهام موادهم المتعددة، نظام الساعات المعتمدة الذي اكتشفه الأميركيون لا يطبق بهذه الصورة المبتورة، لأنها تشوه جماله وتحطم خصاله، فلماذا لا يُعاد النظر في أجندة الجامعات بحيث ينهي الطلاب كافة متطلبات المواد التي يدرسونها، بما فيها الاختبارات النهائية قبل إجازة رأس السنة الميلادية، عندها ستكون الإجازة من الناحية النفسية أكثر إشباعاً للحاجات البشرية، ولن نشهد تلك الربكة الأكاديمية، ولهذا اقترح أن تكون الإجازة بين الفصلين لمدة أسبوعين، هما الأخير من شهر ديسمبر، والأسبوع الأول من يناير من كل عام، ويبدأ الطلاب الفصل الثاني بعد ذلك بمواد جديدة، كما هو معمول به في جل الجامعات التي تتبنى نظام الساعات المعتمدة. الوقفة الثالثة، هي مع الإجازات السنوية المرتبطة بالتقويم الهجري، حيث ينتظر الناس هلال بعض الأشهر لمعرفة تلك الإجازات، وهذا يؤدي إلى ربكة غير مدروسة في مواعيد العمل والسفر، فنحن في دولة عملية، ويخطط الناس لحياتهم المهنية والخاصة لمدة سنة على الأقل، اقترح على جهات الاختصاص تحديد هذه الإجازات وإعلانها سنوياً بعد تقريب مواعيدها، فإجازة الإسراء والمعراج مثلاً نستطيع ربطها بأقرب إجازة في نهاية أسبوع، كما أصبح اليوم بالإمكان تحديد إجازات عيد الفطر والأضحى بصورة قريبة جداً من الواقع، ولا بأس أن نضيف عليها يوماً من باب الاحتياط، لكن ذلك سيريح المجتمع من الانتظار، وسيجعل للإجازة نكهة خاصة.