أوضحت البيانات الصادرة عن «المركز الوطني للإحصاء»، أن إجمالي الفجوة الغذائية بدولة الإمارات العربية المتحدة بلغ نحو 30 مليار درهم في عام 2013، حيث استوردت الدولة من السلع الزراعية ما قيمته نحو 40,2 مليار درهم، في حين أنها صدرت وأعادت تصدير ما قيمته 10,4 مليار درهم من هذه السلع، وهذا الأمر يعني أن الدولة استوردت في ذلك العام نحو ثلاثة أرباع احتياجاتها الغذائية، وبرغم أن هذه النسبة تعد منخفضة مقارنة بفترات سابقة، فقد كانت تصل فيها النسبة نفسها إلى أربعة أخماس أو أكثر، وتعد منخفضة كذلك بالنسبة إلى مجمل الأوضاع الغذائية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تستورد نحو 85% من احتياجاتها الغذائية، فإن هذا لا ينفي أنها ما زالت نسبة مرتفعة قياساً بمعايير الأمن الغذائي، بما يوجب البحث عن المزيد من الوسائل والآليات لتخفيضها إلى أقل نسبة ممكنة، في ظل ما هو متاح من إمكانات طبيعية وبشرية واقتصادية. الفجوة الغذائية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ليست نابعة من سوء إدارة لمواردها الزراعية، بل إنها نابعة في الأساس من ضعف هذه الموارد ومحدوديتها، فالأراضي الصالحة للزراعة في دول الخليج العربية، بما فيها الإمارات، لا تزيد على 242 ألف كيلو متر مربع، بما لا يتخطى أكثر من 10% من المساحة الكلية لهذه الدول مجتمعة، وتصل نسبة استغلال هذه الأراضي في دول المنطقة في حدها الأدنى في دولة قطر، حيث تبلغ نحو 18,9%، في حين أنها ترتفع إلى نحو 91% في دولة الإمارات العربية المتحدة كحد أقصى، وهذا يعني أن نسبة استغلال الأراضي الزراعية في الإمارات مرتفعة للغاية، برغم ما تواجهه الدولة من صعاب تتجلى في العديد من المظاهر وعلى رأسها ندرة مصادر المياه العذبة، بسبب انعدام المصادر السطحية للمياه وندرة الأمطار، الأمر الذي يدفعها إلى الاعتماد الكبير على بدائل أخرى، كتحلية مياه البحر وهي وسيلة مكلفة، والسحب من المياه الجوفية، التي تعاني بدورها ندرة شديدة في حجم المخزون. كما تعاني الإمارات كذلك ارتفاع درجات الحرارة في معظم أيام السنة، الأمر الذي يتسبب في زيادة احتياجات المحاصيل الزراعية لمياه الري فيها، مقارنة بالمناطق ذات المناخ المعتدل في العالم. ومن هنا فإن ارتفاع نسبة استغلال الأراضي الزراعية في الإمارات يعد مؤشراً ذا دلالة كبيرة على أن الحكومة الإماراتية لم ترضخ لمحدودية الموارد المائية أو للتحديات المناخية، بل إنها اجتهدت متبنية الآليات اللازمة للتغلب عليها، والمتابع لجهودها خلال السنوات الماضية، يجد أنها توسعت في الاستثمار الزراعي، وتبنت العديد من المبادرات الهادفة إلى تطوير القدرات الإنتاجية للقطاع الزراعي الوطني، عبر استجلاب التكنولوجيات الزراعية المتطورة وخصوصاً في مجال الري وفي مجال تحصين المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية من الآفات والأمراض واستزراع البذور والمحاصيل وتربية المواشي والحيوانات الأكثر إنتاجية. وبالتوازي مع ذلك، عملت الدولة على بناء مخزون استراتيجي وطني من المحاصيل الزراعية المهمة، ودخلت في شراكات واسعة مع الدول التي تتمتع بموارد زراعية كبيرة في مختلف قارات العالم، وفي شراكات تجارية واقتصادية مع منتجي المحاصيل الزراعية الرئيسيين في العالم، بما يكفل استقرار إمدادات السلع الغذائية المستوردة، لحماية الأسواق المحلية من الأزمات والاختناقات المفاجئة ومن تداعيات أزمات الغذاء العالمية. ولا يمكن فصل ما شهدته الفجوة الغذائية للدولة من انخفاض عن هذه الجهود، بأي حال من الأحوال، ولابد أن هذه الجهود نفسها ستحسن من أوضاعها الغذائية مستقبلاً.