على رغم أن عام 2014 كان كارثياً على المجتمع الدولي، ولكن بالنسبة لبعض الزعماء، ومنهم الرئيس أوباما، قد يصبح عام 2015 أفضل من المتوقع. صحيح أن أزمات الشرق الأوسط وأوكرانيا وأنحاء من أفريقيا وآسيا ستظل دون حسم على الأرجح، إلا أن تحالف الدول العازمة على إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش» اكتسب زخماً، وهناك مؤشرات على أن الضربات الجوية المستمرة للتحالف أجبرت «داعش» على إعادة النظر في استراتيجيته بما في ذلك شن هجوم كبير، كان محتملاً، على بغداد. وبالمثل هناك بعض الأمل في أن يساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تخفيف حدة الأزمة في أوكرانيا، ولو لمجرد أن بلاده تمر بكساد اقتصادي يرجع في جانب منه إلى تهاوي أسعار النفط. وفي المقابل، دعم انخفاض الأسعار موقف كبريات الدول المستوردة للنفط وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا والهند والصين واليابان. وفي الولايات المتحدة، يساوي انخفاض أسعار النفط خفضاً للضرائب بالإضافة إلى أن ثقة المستهلكين ارتفعت ومعها معدلات التأييد لأوباما. والآن، بعد أن فقد «الديمقراطيون» السيطرة على كلا مجلسي الكونجرس هناك أمل في أن تكون الغالبية «الجمهورية» مستعدة لأن تتعاون مع أوباما في بعض القضايا مثل إصلاح الضرائب والهجرة، ولو من باب إظهار قدرتهم على القيادة. ومن الضروري أن يظهروا الشعور بالمسؤولية والقدرة على الحكم إذا كانوا يريدون استعادة السيطرة على البيت الأبيض في عام 2016. ولعل أحد أوائل الاختبارات التي سيتعين على القيادة «الجمهورية» مجابهتها هو خططهم للعثور على عائدات جديدة لتمويل مشروع قانون «الطريق السريع القومي» الجديد الذي يضخ التمويل للكثير من مشروعات البنية التحتية، وخاصة الحاجة الملحة لإصلاح طرق وجسور الولايات المتحدة المتهالكة. والوسيلة الواضحة لجمع المال هي زيادة الضرائب على البنزين وخاصة مع تهاوي أسعار النفط. ولكن «الجمهوريين» المتشددين، ومن بينهم أعضاء جدد في الكونجرس الجديد، لا يمكنهم تأييد مثل هذه الضريبة إلا إذا حدث تقلص مواز في البرامج الاتحادية الأخرى. وهذا سيكون مثار شقاق كبير إذا حاول «الجمهوريون» تمويل برامج الرعاية الاجتماعية المهمة لـ«الديمقراطيين» والقاعدة العريضة من أنصارهم. والأنباء الأفضل عن الاقتصاد الأميركي قد تسهّل أيضاً التوصل إلى اتفاق بين «الجمهوريين» والبيت الأبيض لتنفيذ إصلاح مهم في سياسة الهجرة التي تعمها الفوضى وطالما ظلت حلبة صراع حزبي شديد لعدة سنوات. ولأن المشكلة المحورية للهجرة تتعلق بوضع العمال القادمين من أميركا اللاتينية الذين يعيشون بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة، أو يريدون استقدام أقاربهم من المكسيك ومن أميركا الوسطى والجنوبية إليها. ويعلم «الجمهوريون» حالياً من الانتخابات العامة في الآونة الأخيرة أنهم لن يفوزوا أبداً بدعم الناخبين المنحدرين من أميركا الجنوبية إذا نُظر إليهم باعتبارهم مناهضين للمهاجرين. وهذا أحد الأسباب التي جذبت الكثير من الاهتمام لإعلان حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش في الآونة الأخيرة أنه يفكر في السعي للحصول على ترشيح الحزب «الجمهوري» لانتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2016. ولا يقتصر الأمر على اسمه البارز لكونه ابن الرئيس الحادي والأربعين للولايات المتحدة وشقيق الرئيس الثالث والأربعين بل الأمر يتعلق أيضاً بزوجته «كولومبا» المكسيكية المولد، كما أنه هو وأولاده يتحدثون الإسبانية بطلاقة. ويضاف إلى هذا أنه حاكم سابق لولاية وثيقة الصلة بأميركا اللاتينية، ولذا يدرك جيداً مشكلات الهجرة ومدى أهمية أن يعالجها «الجمهوريون» بطريقة إنسانية. وبعبارة أخرى، يتعين التصرف بطريقة مختلفة تماماً عما فعله المرشح «الجمهوري» السابق للرئاسة الأميركية ميت رومني الذي جلب على نفسه عداء الناخبين المنحدرين من أميركا الجنوبية الذين ذهبوا بأعداد كبيرة لصناديق الاقتراع للتصويت لمصلحة أوباما. ولذا فمن سخرية الصدف أن أوباما قد يجد حلفاء جدداً في الكونجرس الذي يسيطر عليه «الجمهوريون». وربما لا يهتم الزعماء «الجمهوريون» حالياً كثيراً بإفساد تركة أوباما من خلال تشريع مدمر إذا كان هذا سيظل يدعم صورتهم العامة باعتبارهم حزب «لا» الذي يعتمد في الأساس على الرجال البيض الأميركيين الأكبر سناً في قاعدة دعمه. ومثل هذا الدعم من الرجال البيض المسنين قد يلعب في صالحهم في انتخابات التجديد النصفي عندما يكون الإقبال ضعيفاً على صناديق الاقتراع ولكن دون توسيع قاعدة دعمهم سيفقدون بالتأكيد سباقهم إلى البيت الأبيض عام 2016.