ما إن وجّه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بالبدء في إنشاء جسر جوي من دولة الإمارات العربية المتحدة لنقل مواد الإغاثة العاجلة من أغطية وملابس شتوية ومواد غذائية لمساعدة آلاف اللاجئين في الأردن، ولبنان، إضافة إلى المتضررين في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، على تجاوز الشتاء القارس هذا العام، حتى دارت عجلة العمل على الفور بكفاءة كبيرة وتنسيق تام بين المؤسسات الإماراتية المعنية بالعمل الإنساني والخيري، لوضع هذه التوجيهات السامية والكريمة موضع التنفيذ الفعلي، حتى إنه في اليوم التالي مباشرة لتوجيه صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، غادرت الإمارات، فجر أمس الأربعاء، أول طائرة محمَّلة بنحو 30 ألف بطانية للاجئين السوريين في الأردن، فضلاً عن ذلك فقد انطلقت أمس، حملة «تراحموا» بمشاركة الجهات الرسمية والأهلية ومؤسسات القطاع الخاص كافة، وتم تشكيل لجنة وطنية عاجلة تضم الجهات الإغاثية الرئيسية في دولة الإمارات العربية المتحدة وجهات حكومية ووسائل الإعلام الرئيسية للبدء بتنفيذ هذه الحملة الإنسانية، التي تهدف إلى توفير الدفء لمليون شخص من اللاجئين والمتضررين في مواجهة البرد الشديد التي تضرب سوريا والعراق والأردن والأراضي الفلسطينية. إن هذه المبادرة الإنسانية الكريمة من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ،حفظه الله، إنما تضاف إلى سجل سموه الناصع في مجال الدعم الإنساني للمحتاجين إليه في مختلف بلاد العالم، والوقوف إلى جانب المنكوبين والمحتاجين في أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية أو مناطق الحروب والنزاعات، كما تضاف إلى سجل دولة الإمارات العربية المتحدة التي أكدت أرقام التقرير النهائي لـ «لجنة المساعدات الإنمائية»، التابعة لـ «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، الذي صدر مؤخراً، أنها أكبر مانح للمساعدات الإنمائية الرسمية في العالم، وفقاً لنسبة هذه المساعدات من الدخل القومي الإجمالي. الجانب الذي لا يقل أهمية في هذه القضية، ما تتمتع به المؤسسات الإماراتية المعنية بتقديم المساعدات الخارجية من كفاءة كبيرة وقدرة على العمل تحت الضغط وإنجاز الأهداف المرجوة في أوقات قياسية، إضافة إلى العمل في مناطق الأزمات مهما كانت طبيعة هذه الأزمات، وهذا يعود إلى ثلاثة اعتبارات أساسية: الاعتبار الأول، الخبرة الكبيرة والواسعة التي اكتسبتها هذه المؤسسات في مجال العمل الإنساني والخيري من خلال عملها لسنوات طويلة في مناطق مختلفة من العالم، وفي ظل ظروف صعبة ومعقَّدة. الاعتبار الثاني، ما يتميز به العمل الإنساني الإماراتي بشكل عام من مؤسسية محكمة، بمعنى أنه يدار من خلال مؤسسات لها هياكلها وآليات عملها الواضحة والمتطورة، ما يجعلها قادرة على التحرك في أي وقت، وتحت أي ظروف من ناحية، والتنسيق فيما بينها بكفاءة عالية من ناحية أخرى، وخاصة أن هدفها كلها واحد، وهو مد يد العون إلى كل من يحتاج إلى المساعدة في العالم كله من دون نظر إلى دين أو جنس أو عرق أو منطقة جغرافية. الاعتبار الثالث، أن هذه المؤسسات كلها تعمل ضمن توجه ثابت وأصيل في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة الخارجية، حيث يعد البعد الإنساني بعداً محورياً وجوهرياً في هذه السياسة منذ نشأة دولة الاتحاد في عام 1971، وضع بذرته المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. أخيراً، فإن مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة ،حفظه الله، إنما هي رسالة إلى العالم كله بضرورة الالتفات إلى المأساة الإنسانية الخطيرة التي تمثلها قضية اللاجئين السوريين، وما يرتبه ذلك عليه من مسؤوليات. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية