أقدمت كاتدرائية «كولون» الشهيرة بألمانيا على إطفاء أضوائها يوم الاثنين الماضي احتجاجاً على المسيرات المناهضة للإسلام التي خرجت في عدد من المدن الألمانية في الآونة الأخيرة، وكانت المظاهرات التي نظمتها حركة شعبوية تطلق على نفسها اسم «بجيدا»- وهي اختصار لحركة «الوطنيون الأوروبيون ضد أسلمة الغرب»- قد أثارت جدلا واسعاً في ألمانيا خلال الشهر الماضي، حيث نجحت الحركة في اجتذاب جموع غفيرة للمشاركة في مسيراتها التي جابت أكثر من مدينة ألمانية، هذا فضلا عن الانتقادات التي وُجهت للحركة من قبل النخبة السياسية والدينية في البلاد وعلى رأسهم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ويقول منتقدو الحركة إنها ليست أكثر من وعاء يعبر عن الأحقاد التي يكنها أقصى اليمين والحركات الفاشية للمهاجرين وطالبي اللجوء، هذا في الوقت الذي يدعي فيه مؤيدو الحركة المناهضة للمسلمين أنهم يمثلون طيفاً واسعاً من المجتمع الألماني المتخوف من تداعيات تدفق المهاجرين والباحثين عن اللجوء والذين يمثل المسلمون عدداً كبيراً منهم. وفيما ينفي أعضاء الحركة تهمة التطرف عنهم ويتنصلون منها، يشير الآخرون من المنتقدين إلى تفشي الحركات الفاشية في صفوف المتظاهرين، مؤكدين أن «بجيدا» ليست أكثر من تنظيم نازي متخف. وفي ردها على تلك المظاهرات المناهضة للمسلمين حثت المستشارة أنجيلا ميركل المواطنين خلال كلمتها بمناسبة السنة الجديدة إلى رفض «بجيدا» لأن «قلوبهم قاسية وملأى بالانحياز»، وهو الخطاب الذي لاقى تأييداً واسعاً في أوساط النخبة السياسية والاقتصادية بالبلاد التي لا تحبذ صورة ألمانيا الكارهة للأجانب التي تروجها الحركة، لكن ووفقاً لاستطلاع الرأي الذي أجراه الموقع الإلكتروني «زايت» بالتعاون مع مؤسسة «يوجوف» وظهرت نتائجه الشهر الماضي يعبر نصف الألمان عن تعاطفهم مع المظاهرات المناوئة للمسلمين، فيما كشف استطلاع أحدث أجرته مؤسسة «فورسا» لمصلحة مجلة «شتورن»، أن ألماني واحد من بين كل ثمانية مستعد للانضمام للمظاهرات إذا ما جرت بالقرب منه، وكان أكبر تلك المسيرات عدداً تلك التي جرت في مدينة دريسدن الشرقية في 22 ديسمبر المنصرم وشارك فيها ما لا يقل عن 17 ألف متظاهر. ------ إيثيان ثارور كاتب هندي مقيم في الولايات المتحدة ------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»