قد بات من الضروري بمكان أن يتم إعادة حسابات ضرب «داعش» ومدى الجدوى الفعلية منها؟ فلا الضربات الجوية ستقضي على هذا التنظيم في المستقبل القريب، ولا على النظام الأسدي الذي أقل ما يمكن وصفه بالنظام المجرم، فـ«داعش» تبدو أقوى وأكثر تكتيكاً، وكل يوم يزداد المنضمون إليه والتابعون له. لكن الأخطر هو الحرب الإيرانية التي تشعبت في ثلاث دول عربية مع سبق الإصرار. وتنظيم «داعش» سيتحول إلى هباء لو رفعت إيران يدها عن بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وكان الأهم، أو الأولى الاهتمام بمخالب إيران في المنطقة عبر التدخلات. ولعل الضغوط التي تتم ممارستها على أسعار النفط لن تكون ذات جدوى، ذلك لأن إيران رغم إنهاك شعبها وإنهاكها اقتصادياً، فإنها مازالت مُصرّة على التدخلات ولعب أدوار خطيرة في المنطقة. ولعل مقتل ألف إمام وعالم دين عراقي يكشف عن هوس طائفي ويميط اللثام عن نفوس أعياها اليأس، وأن ثمة سياسات طائفية تربك العراق وتحول دون استقراره. لا شك في أن استهداف الأمة جريمة بمعنى الكلمة. كما أن التطهير العرقي الذي تمارسه الميليشيات الإيرانية في العراق، يعكس الحرب التي تعلنها إيران ضد كل ما هو عربي سُني. ولا يمكن بأي حال أن يدّعي هؤلاء القتلة أنهم يقتلون باسم الدين، فأي دين ينص على القتل لمثل هؤلاء؟ وإذا كان اللوم يقع على تنظيم «داعش» الإرهابي اليوم، فعلينا أن نقتلع جذور إيران من العراق، حتى نرى ماذا سيفعل تنظيم «داعش» بهم وبغيرهم. فحجم الجرائم التي مارستها وارتكبتها إيران لا يمكن أبداً السكوت عنه، وما يفعله تنظيم «داعش» الإرهابي اليوم هو مجرد ردة فعل على حجم الأهوال التي رأها العراقيون في بلادهم وبين أهلهم. فعندما نلوم النتيجة التي هي «داعش» وما يرتكبه من إرهاب، علينا أن نبحث عن السبب حتى يتم القضاء على ظاهرة «داعش» فعلياً وبشكل مؤكد. وما يفعله «الحوثيون» اليوم في اليمن من فساد هو استكمال لمسيرة العذاب التي مضت فيها إيران داخل العراق ولبنان. ولم يعد خافياً على أحد أن إيران تسعى لإحكام السيطرة على مفاصل الوطن العربي لتعيد تاريخاً قديماً انقضى بالقضاء على الدولة الصفوية الأولى والثانية، فهؤلاء أناس يعيشون في التاريخ، ويحسبون أن المجد هو قتلهم للعرب والسُنة، وجنون العظمة في الحقيقة هو ما سيهوي بهم في قاع النهايات المظلمة والموحشة. وينبغي القضاء على «داعش»، ولن يكون ذلك إلا بوضع نهاية لنظام الأسد، وذلك قبل أن يسقط وتؤول الأمور في قبضة «داعش» ووقتها لن ينفع الندم، ولا شيء إلا كتابة نقطة الختام لكثير من الحكايات والدول.