2014 كانت سنة جد صعبة على صعيد السياسة الخارجية لدرجة أنني أرغب في كتابة مقال يتوقع تحسن الأمور العام المقبل. والواقع أن هناك أسباباً قليلة للاعتقاد بأن تنظيم «داعش» سيتم القضاء عليه قريباً، أو بأن فلاديمير بوتين سيتغير إلى الأحسن، أو بأن «كيم جونج أون» سيقبل الظهور في برنامج «ذا دايلي شو»، غير أنه من الممكن أن نتخيل كيف يمكن لبعض أسوأ صراعات العام الماضي أن تخف وتهدأ. وعليه، ففي ما يلي بعض المؤشرات التي تبعث على الأمل وينبغي مراقبتها في 2015 - والتي قد لن تتحقق على الأرجح. هل يمكن التغلب على «داعش»؟ هذا العام، دفعت سياسات رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي السُنة في العراق إلى الارتماء في أحضان تنظيم "داعش"، الذي استولى على ثلث مساحة البلاد. وللمرء هنا أن يتخيل كيف يمكن للوضع أن يتغير في 2015. فرئيس الوزراء الشيعي الجديد حيدر العبادي يبدو راغباً في مد جسور التواصل مع السُنة ومساعدتهم على التخلص من «داعش»؛ كما يحاول إصلاح الجيش الذي انهار أثناء تقدم «الجهاديين». والواقع أن الكثير من السُنة ضاقوا ذرعاً بقمع وحكم ما يسمى دولة الخلافة التي يديرها تنظيم «داعش»؛ ولكن محاولات العبادي التقرب من السُنة تقابَل بمعارضة إيران، التي تتمتع بنفوذ كبير جداً في العراق، وترغب في استمرار الهيمنة الشيعية هناك. وبالمقابل، فإن السُنة العراقيين لن يحاربوا «داعش»، إلا إذا منحتهم بغداد مزيداً من المساعدات العسكرية والسلطة السياسية، إلى جانب دور أكبر في جيش خضع للإصلاح. لذا علينا أن نراقب لنرى ما إنْ كانت واشنطن ستقدم دعماً ثابتاً وقوياً للعبادي، وستقنع دولاً عربية سُنية أخرى بأن تحذو حذوها. هذا لن يتطلب قوات محاربة، وإنما سيتطلب أكثر من مجرد كلام صارم من البيت الأبيض أو الكونجرس؛ حيث ستكون ثمة حاجة إلى جهود دبلوماسية أميركية حثيثة واهتمام رئاسي. وإذا حصل العبادي على ذلك، فسيكون هناك احتمال لوقف مكاسب «داعش» في العراق في 2015، وهو ما من شأنه أيضاً أن يُضعف التنظيم في الجانب الآخر من الحدود في سوريا. غير أن ثمة احتمالاً ضئيلاً لأن تضع الحرب الأهلية السورية أوزارها خلال الـ12 شهراً المقبلة، وذلك لأن موسكو وطهران لن تتخليا عن بشار الأسد أولًا، ولأن الثوار المعتدلين (إلى جانب داعميهم العرب والغربيين) جد منقسمين على أنفسهم حتى يفوزوا في الحرب ثانياً. وهذا يعني أن القتال سيستمر. هل يكفُ بوتين عن العبث مع جيرانه؟ استيلاء بوتين على شبه جزيرة القرم هذا العام شكل انتهاكاً للقانون الدولي يُضاهي غزو صدام حسين للكويت في عام 1990 (فكلا الرجلان كانا يقولان إنهما يريدان استرجاع أراض يزعمان أن لديهما فيها حقوقا تاريخية)؛ غير أن غرق الاقتصاد الروسي فقط – الذي تضرر بانخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية – هو الذي منع بوتين من الاستيلاء على مزيد من الأراضي الأوكرانية لخلق جسر أرضي مع القرم المحتلة. هنا، علينا أن نراقب ما إن كانت أسعار النفط ستظل منخفضة، (وهو ما قد يمثل أحسن خبر في السياسة الخارجية في عامي 2015 و2014 ). فحينها، سيضطر بوتين للإفراج عن مزيد من المليارات من احتياطيات العملة الصعبة من أجل دفع المعاشات ومساعدة الشركات الروسية على تسديد ديونها الخارجية، وهو ما من شأنه أن يخلق له ضغطاً حتى يبتعد عن أوكرانيا ويضمن بالتالي رفع العقوبات. غير أن حلم بوتين بإعادة إنشاء الامبراطورية الروسية قد يتغلب على المخاوف العقلانية. هل ستسقط أفغانستان في قبضة «طالبان» عقب انسحاب آخر الجنود المقاتلين الأميركيين؟ الواقع أن ثمة بعض الأخبار السارة على هذه الجبهة. ذلك أن الحكومة الأفغانية الجديدة بقيادة الرئيس أشرف غاني والرئيس التنفيذي عبدالله عبدالله تُعد تحسناً كبيراً مقارنة مع فترة حكم حامد كرزاي الزئبقي – إن هما استطاعا الاتفاق على حكومة في الأخير. وفي الأثناء، يبدو أن زعماء «طالبان» منشغلون بصراعات مميتة في ما بينهم. ولعل ما ينبغي مراقبته هذا العام هو ما إن كانت باكستان المجاورة قد قررت أخيراً وقف دعمها الطويل لـ«طالبان» أفغانستان كوسيلة لتطويق النفوذ الهندي في أفغانستان؛ ذلك أن الأفغان كان يمكن أن يحلّوا مشاكلهم قبل سنوات طويلة لو أن الباكستانيين لم يقوموا بتدريب وتسليح «طالبان» أفغانستان ولم يوفروا لها ملاذاً آمناً في بلادهم. ـ ــ ــ ــ ـ محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»