قبل أربع سنوات، أعلنت لجنة التجارة الفيدرالية، وسط ضجة، عن وضع خطة تتيح للمستهلكين الأميركيين السماح للشركات بتتبع محركات التصفح عبر الإنترنت الخاصة بهم والتعرف على عاداتهم في الشراء. وتسمح هذه الخطة للمستخدمين بالاختيار من بين مجموعة من البيانات حول عاداتهم من خلال ضبط متصفحات الويب الخاصة بهم، دون ضرورة اتخاذ قرار بشأن كل موقع على حدة. وهذه الفكرة، المعروفة بخاصية «عدم التتبع»، والتي تأتي على غرار قاعدة «عدم الاتصال» التي تحمي المستهلكين من مكالمات التسويق التي لا يرغبون في استقبالها، هي أداة بسيطة، لكن التفاصيل ليست كذلك. وبالرغم من موافقة العديد من شركات الإعلانات الرقمية على الفكرة من حيث المبدأ، إلا أن الجدل الدائر حول تعريف ونطاق وتطبيق خاصية «عدم التتبع» لا يزال مستعراً منذ سنوات. والآن، من المتوقع أن تقوم إحدى المجموعات الصناعية باقتراح القواعد التفصيلية التي تحدد كيفية عمل مفتاح الخصوصية. وتضم المجموعة بعض الخبراء، لكنها يسيطر عليها عمالقة الإنترنت أمثال «أدوب» و«آبل» و «فيسبوك» و«جوجل» و«ياهو». ومن المنتظر أن توصي باستثناء من شأنه تحرير هذه الشركات بصورة فعالة من الالتزام بطلبات «عدم التتبع». وإذا أحرز المحققون تقدماً، فإن هذه القواعد ستتيح لأكبر عمالقة الإنترنت مواصلة النهل من بيانات المستخدمين على المواقع الخاصة بهم وعلى المواقع الأخرى مثل «فيسبوك» و «يوتيوب». وهذه الثغرة العملاقة ستجعل خاصية «عدم التتبع» لا معنى لها. فكيف وصلنا إلى هذه الفوضى؟ بالنسبة للمبتدئين، لا يبدو أن لجنة التجارة الفيدرالية تفهم تماماً طبيعة الإنترنت. فشركات الإنترنت تصنع المال عن طريق استغلال البيانات المستقاة من مستخدميها لبيع إعلانات مستهدفة. فإذا تباطأ تدفق بيانات المستخدم، فإن تدفق المال سيتباطأ أيضاً. وقد أكدت دراسة أُعِدت بتكليف من مكتب الإعلان التفاعلي مع باحثين من مدرسة «هارفارد» للأعمال على هذه النقطة: على الأقل نصف القيمة الاقتصادية للإنترنت تعتمد على جمع بيانات المستخدم الفردية، وتقريباً كل المحتوى التجاري على الإنترنت يعتمد على الإعلان إلى حد ما. وفي العام الماضي، ارتفعت قيمة الإعلان الرقمي لتبلغ 42.8 مليار دولار، أي ما يزيد على الإنفاق على الإعلانات التليفزيونية التي يتم بثها. وأساساً، يتيح جمع بيانات المستخدم حرية الوصول إلى الخرائط والبريد الإلكتروني والألعاب والموسيقى والشبكات الاجتماعية وغيرها من الخدمات. وينظر المدافعون عن الخصوصية الرقمية، لأسباب مفهومة، إلى النظام البيئي عبر الإنترنت بشكل مختلف. وهم يشعرون بالقلق من تزايد اقتصاد المراقبة، حيث تقوم الشركات بتجميع وتخزين البيانات حول ما يقرأه المستخدم أو يبحث عنه أو يشتريه. وفي هذا العالم، يكون الإفصاح بلا معنى، لأنه تقريباً لا أحد يقرأ شروط الخدمة التي تحدد العلاقة بين العميل والشركة. إن العملية التنظيمية هي الوسيلة الخطأ لمعالجة هذا التوتر الأساسي. وإذا ما أرادت الحكومة تحويل اقتصاد الإنترنت من نظام «المقايضة» (تبادل البيانات الشخصية مقابل الخدمات المجانية) إلى نظام يعتمد على الإشتراك، يجب على الكونجرس تحمل هذه المسؤولية. ------ فريد كامبل، الرئيس السابق للجنة التجارة الفيدرالية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»