في مؤتمره الصحفي الذي عقده في موسكو الأسبوع الماضي، رفض بوتين الاعتراف بأن الطيّارة «نادية سافشينكو» وثلاثين آخرين من قوات الخدمة العسكرية الأوكرانية المعتقلين في السجون الروسية هم أسرى حرب. وهذا التحدي لمبدأ عالمي آخر يتطلب رداً قوياً من الدول الأخرى. وأُسرت «سافشينكو» في 18 يونيو على أيدي الانفصاليين بالقرب من منطقة لوهانسك شرق أوكرانيا أثناء مهمة إنقاذ جنود أوكرانيين مصابين. وكانت ترتدي الزي العسكري الأوكراني وتحمل سلاحاً نارياً، وهو ما يجعلها خاضعة بوضوح للمادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة، التي تحدد معايير وضع أسير الحرب. وفي 19 يونيو، ظهر فيديو استجوابها على شبكة الإنترنت، ورغم أنها لم تكن تُعامل بسوء، إلا أنها كانت مقيدة إلى أنبوب معدني وتم سؤالها في موضوعات عسكرية مثل انتشار القوات الأوكرانية. ثم تم نقلها إلى مقر تابع للانفصاليين في «دونستيك»، وأكد قائد مكافحة التجسس لدى المتمردين أنها أسيرة. وفي 20 يونيو، سلم المتمردون «سافشينكو» إلى ضباط المخابرات الروسية، الذين وضعوا كيساً على رأسها ونقلوها سراً إلى روسيا. ورغم ذلك، تُصر السلطات الروسية على أنها عبرت الحدود طواعية، من دون وثائق، متخفية كلاجئة.. وهو محض افتراء. ويتم احتجاز «سافشينكو» الآن في سجن مدني بموسكو، حيث بدأت إضراباً عن الطعام احتجاجاً على اعتقالها بصورة غير قانونية. ومثلما أكد بوتين في مؤتمره الصحفي، تم اتهامها بموجب القانون الجنائي الروسي بضلوعها في مقتل صحفيين روسيين في 17 يونيو الماضي، قُتلا أثناء هجوم بقذائف هاون على مواقع انفصالية خارج لوهانسك. وتُصورها آلة الدعاية الروسية على أنها قاتلة وإرهابية. وبالطبع، يمكن إثبات براءة «سافشينكو» من هذه التهمة: فسجلات الهاتف تظهر أنها اعتقلت قبل ساعة من الهجوم الذي قُتل فيه الصحفيين. ولكن ليس هذا هو محور القضية. وبموجب اتفاقيات جنيف، لا يمكن اتهامها بجريمة جنائية على الإطلاق، وإذا اقترفت جرماً، فهي تخضع فقط لمساءلة محكمة العدل الدولية بموجب قوانين الحرب. ومن المفهوم تردد بوتين في الاعتراف بأن المعتقلين الأوكرانيين أسرى حرب، إذ تقول روسيا إنها ليست طرفاً في الصراع الأوكراني، حتى وإن كانت بموجب معايير اتفاقيات جنيف تعتبر طرفاً فيه بالتأكيد. فالانفصاليون مسلحون ومدربون ويتم إمدادهم وتوجيههم من قبل موسكو. وفي شبه جزيرة القرم، احتلت روسيا وضمت جزءاً من الأراضي الأوكرانية. وإذا كان ذلك لا يجعلها مشاركة في الحرب، فأي شيء يجعلها؟ وإذا كانت طرفاً، فإن موكلتي «أسيرة حرب» لدى روسيا. وحتى إذا كانت الحرب مقصورة على الحكومة الأوكرانية والمتمردين، فإنها تظل خاضعة لاتفاقيات جنيف بصفتها «صراعاً داخلياً مسلحاً»، وفي هذه الحالة أيضاً، تعتبر «سافشينكو» أسيرة حرب لدى «المتمردين» الذين نقلوها بشكل غير قانوني إلى روسيا. وليس لموسكو شأن في محاكمة مقاتلين أجانب بموجب قانونها الجنائي الداخلي. وإذا كانت ليست في حالة حرب مع أوكرانيا، فعليها أن تطلق سراح «سافشينكو». وأياً كانت الجهة التي تسجن «سافشينكو»، فهي من دون شك أسيرة حرب، وهي كذلك من لحظة أسرها. وتقول اتفاقيات جنيف إنه في حالة وجود شك، ينطبق افتراض وضع «أسير الحرب» إلى أن يتم الفصل في الحالة من قبل «محكمة مختصة». وإذا كان الرئيس الروسي يحترم القانون، فعليه أن يدع قرار وضع «أسير الحرب» لمحكمة مستقلة، وعندئذ سيكون على الدولة الروسية تقديم أدلتها. ------ مارك فيجي، محام مقيم موسكو يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»