يقبل العام الجديد، عام 2015 على العالم وهو يعاني من مشكلات جمة، بعضها مُلحّ وعاجل وبعضها الآخر مقلق، لكنه غير مخيف، وفي المنطقة العربية وجوارها الجغرافي، وفي منطقة الخليج العربي بالتحديد، تواجه دولها ملفات ساخنة وهي على مشارف العام الجديد، مشاكل لا زالت حائرة وتبحث عن حلول جذرية لها. لن نتمكن من استعراض جميع تلك الملفات، لكننا سنكتفي بأربعة منها هي انخفاض أسعار النفط، والإرهاب، وعدم استقرار الدول العربية الأخرى خاصة مصر وسوريا والعراق، وأخيراً الملف النووي الإيراني واختيار هذه الملفات لا يعني بأن الملفات الأخرى غير مهمة، أو ليس لها تأثير على دول مجلس التعاون الخليجي، فملفات كالدور الذي تضطلع به الولايات المتحدة في المنطقة والعالم، أو ملف مشكلة المناخ وتلوث البيئة، أو عدم استقرار النظام العالمي، أو ثورة المعلومات والاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي، أو إمكانية نشوب الحروب المحدودة، أو المشكلة السكانية، لها دورها وتأثيرها الذي لا يمكن تجاهله. أسعار النفط تسير إلى المزيد من الانخفاض، وتشير تقديرات غربية إلى أن سعر البرميل الواحد قد يصل إلى ما دون الخمسين دولاراً، لكن ذلك لن يؤثر كثيراً على اقتصادات جميع دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة دولة الإمارات، نعم قد تتأثر بعض دول المجلس التي تعتمد كلية على عائدات النفط في مصادر دخلها الوطني وتمويل ميزانياتها، لكن دولة الإمارات ليست ضمنها لأنها تمكنت منذ سنوات من تنويع مصادر دخلها، وأصبح تصدير النفط مصدراً ثانوياً في تمويل موازنتها. وإذا حدث تأثير حقيقي فإنه سيطال القطاعات والمشاريع التي تعتمد مباشرة في تمويلها على عائدات النفط فقط، أما بقية قطاعات الاقتصاد فيتوقع لها الصمود وتخطي الأزمة، بحيث أن الأزمة المالية التي تأثرت بها اقتصادات دول المجلس عام 2008 لن تتكرر ثانية في العام المقبل. ملف الإرهاب والحركات المتطرفة هو الأكثر إثارة للقلق والاضطراب في المنطقة، وهذا الملف، خاصة بالنسبة لتأثيره على العراق وسوريا يرتبط جله والتخلص منه بما يحدث في سوريا ذاتها، ويحل المشكلة السورية التي لا يبدو بأن حلاً عسكرياً سواء من قبل النظام أو من قبل المعارضة، يلوح في الأفق. فالنظام محاصر في المناطق التي يسيطر عليها، وأمور تسليحه ودعمه محصورة في أطراف قليلة من المجتمع الدولي هي إيران وروسيا، وما يتم تقديمه له لايبدو كافياً لحسم الحرب في صالحه، والمعارضة بكافة أطيافها وتجلياتها تبدو عاجزة عن تحقيق النصر، وهي الآن تبدو مفككة وفي تراجع. أما على الصعيد العراقي، فإن قوات الحكومة تدعمها العشائر والأكراد ستتمكن من التصدي لـ«داعش» وقد تطول مسألة الحرب معه، لكن الحكومة ستحقق الانتصار في نهاية المطاف، وإنْ طال الأمد، خاصة إذا بقي المجتمع الدولي كافة داعماً للحكومة العراقية. أما بالنسبة لمصر فإن حربها على الإرهاب ستستمر في العام القادم، في الوقت نفسه ستتمكن من تحقيق انتصارات حاسمة في المدن الكبرى، خاصة القاهرة، ومن إعادة التوازن إلى الاقتصاد بسبب ما تقدمه لها دول مجلس التعاون الخليجي من دعم سخي غير محدود. إن التفاؤل بالحالة المصرية كبير جداً. وأخيراً فإن الملف النووي الإيراني سيبقى معلقاً ومتأرجحاً، ولن يتم حسمه خلال العام القادم نهائياً وإن كانت المؤشرات الإيجابية على هذا الصعيد تبدو ممكنة، لكن المواقف الإيرانية المتشددة دائماً ما توصل الأمور إلى حافة الهاوية، الأمر الذي يعتبر نهجاً إيرانياً منهجياً ومستمراً ضمن السياسة الخارجية، فهو الذي يعيق التوصل إلى اتفاقات نهائية ترضي كافة الأطراف، وبالنسبة لما نقرأه لا تبدو المسألة بسيطة وإن بدت كذلك بالنظر إليها من خارجها، فالقضية ستطول، إن 2015 عام جديد نرجو فيه لبلادنا وللخليج العربي والعالم العربي والعالم أجمع كل خير وتقدم وأمن واستقرار ورفاهية، وكل عام والجميع بخير.