الأمور واضحة بالنسبة لإدارة الرئيس الأميريكي باراك أوباما فيما يتعلق بالتحرك نحو تطبيع العلاقات مع كوبا. فالحظر المفروض على كوبا تقلصت شعبيته حتى في قطاعات الجالية الكوبية الأميركية التي طالما أيدته، وأوباما حرص على أن يجد مجالاً في السياسة الخارجية والمحلية يستطيع العمل فيه دون تعاون من الكونجرس. لكن ما الذي دفع لهذا التحرك في الجانب الكوبي؟ لنبدأ بالإفراج عن الأسرى الكوبيين الأسبوع الماضي، والذي شمل ثلاثة من بين خمسة ضباط استخبارات أدينوا بالتجسس في فلوريدا عام 2001. فهذا الإفراج يعد انتصاراً دعائياً كبيراً في أحد جوانبه. وفي تأكيد على المكانة الرمزية للكوبيين الخمسة، أشار الرئيس الكوبي راؤول كاسترو للمفرج عنهم الثلاثة في كلمة يوم الأربعاء الماضي بأسمائهم الأولى قائلاً: «كما وعد فيدل في يونيو 2001 حين قال: سيعودون! جيراردو ورامون وانطونيو عادوا اليوم إلى أرض الوطن». وهناك عاملان أكثر أهمية يهديان تفكير راؤول؛ أحدهما أن الزعيم البالغ من العمر 83 عاماً يعتزم ترك السلطة عام 2018، ما يعني أن البلاد لن يحكمها أحد من عائلة كاسترو لأول مرة منذ عام 1959. ويرجح أن يكون هذا تحولا خطيراً للحزب الشيوعي الكوبي، وكجزء مما وصفه راؤول بأنه «إعادة تجديد منهجي لشباب» حزب طالما تزعمه مسنون من قيادات الثورة، أزاح كاسترو العام الماضي نائبه الأول البالغ من العمر 82 عاماً ليعين بدلاً منه ميجيل دياز كانيل البالغ من العمر 52 عاماً مما يجعله الأقرب لأن يكون خليفته. ودياز كانيل غير معروف نسبياً، ولن يصعد إلى السلطة متمتعاً بمصداقية كبيرة ما لم يستطع تحقيق نمو اقتصادي. والإصلاحات الاقتصادية المتواضعة التي تمت حتى الآن لم تتمخض إلا عن نمو بنسبة 1.4 بالمئة فقط هذا العام. والعامل الآخر المهم، هو الاضطرابات في فنزويلا التي أنقذت الاقتصاد الكوبي المترنح أثناء فترة حكم شافيز حين قدّمت لهافانا 100 ألف برميل من النفط يومياً، لكن بعد وفاة شافيز والاضطرابات السياسية هناك، وتهاوي أسعار النفط، حلت الفوضى في الاقتصادي الفنزويلي، وتكاد الحكومة تعجز عن سداد ديونها. ويضاف إلى ذلك تقدم العمر براؤول، وربما الانسحاب التدريجي لفيدل من السياسة، وتقاعد فيدل البالغ من العمر 88 عاماً بشكل رسمي ولم يعد يظهر علناً إلا في النادر هذه الأيام. ورغم أن هافانا تعلن رسمياً أن لا تمايز في المواقف بين الشقيقين، فإن أبا الثورة الكوبية أصبح أقل تأثيراً فيما يبدو، أو أن عريكته قد لانت مع تقدم العمر. والعامل المستتر يتمثل في دياز كانيل، البديل المحتمل للأخوان كاسترو، والذي لم يكن ولد أثناء قيام الثورة الكوبية، وقد ظل بعيداً عن الأضواء حتى صعوده إلى منصبه الحالي العام الماضي، لكن التكهنات بشأن تحولات سياسية كبيرة في كوبا قد تكون سابقة لأونها. ومن شبه المؤكد أن راؤول ما كان ليعطي دياز كانيل منصبه الحالي لولا أنه رآه ذلك الشيوعي المخلص. وقال أحد الخبراء، إنه من غير المرجح أن تطبق كوبا الديمقراطية قريباً، لكن التطورات الأخيرة تعني أن الحكومة ستتبع نهجاً أكثر براجماتية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»