قبل عام، لم يكن معظم الأوكرانيين يريدون الانضمام إلى حلف "الناتو"، ولم تكن الدبابات الأميركية تجري مناورات تدريب بالقرب من الحدود الروسية، وكان الدولار يُباع مقابل 33 روبلاً. لكن بعد أكثر الفترات اضطراباً في الحكم الممتد 15 عاماً للرئيس فلاديمير بوتين تواجه روسيا واقعاً جديداً. فالجزء الذي لا يسيطر عليه المتمردون من أوكرانيا أصبح أكثر عزماً على التوجه نحو أوروبا. وقوات "الناتو" في حالة تأهب في منطقة البلطيق في مواجهة الجبهة الروسية. و"الروبل" فقد نصف قيمته تقريباً أمام الدولار ليمحو سنوات من المكاسب التي حققتها الطبقة الوسطى. بوتين حقق انتصاراً كبيراً بضم شبه جزيرة القرم، وهو انجاز قال عنه الرئيس الروسي إنه سينقش في تاريخ روسيا إلى جانب مآثر الإمبراطورة "كاترين" العظيمة. واستمرار الصراع في شرق أوكرانيا يعزز نفوذه فيما تبقى من أوكرانيا. ومعدلات التأييد له في مستوى قياسي مرتفع بسبب مهاراته في اقناع الشعب بأنه يواجه الغرب المصمم على تكسير مخالب الدب الروسي القوي. وكثير من تطورات العام الماضي عرقلت تحقيق أهم أهداف بوتين الاستراتيجية بما في ذلك تعزيز الرخاء الذي كان حاسماً في تدعيم سلطته في سنواته الأولى في المنصب. وتدخل روسيا العام الجديد بخطى مضطربة مع تهاوي أسعار النفط والعقوبات الغربية القاسية التي تهدد بشل حركة الاقتصاد. والروبل فقد 20 في المئة من قيمته في غضون ساعات يوم الثلاثاء الماضي قبل أن يعاود التعافي. لكن في مؤتمر صحفي هذا الشهر، لم يكترث بوتين كثيراً بكل هذا. وذكر أن الغرب كان سيجد طريقة ما أو أخرى لمهاجمة روسيا من دون أزمة القرم. ووعد أن الاقتصاد سيكون في أفضل أحواله في غضون عامين. بل أعلن أنه وجد الحب من جديد بعد أن طلق زوجته عام 2013. ورغم تأكيدات الزعيم الروسي باقتراب فترة الرخاء، يؤكد مستشارو الكرملين ودبلوماسيون ومحللون أن بودار الاستقرار لا تلوح في الأفق. وكان التصدي للناتو الذي يعتبره كثير من الروس تهديدا لأمنهم من أهداف بوتين الأساسية. فقد أصبح توسع الناتو عام 2004 إلى دول البطليق، ومن ثم إلى حدود روسيا، شوكة في جنب بوتين. وأكد مستشارون في الكرملين أن بوتين كان يرى أن أوكرانيا هي هدف الحلف التالي. وكان من شأن هذا أن يهدد الأسطول الروسي في البحر الأسود قبالة القرم. ويقول دبلوماسيون غربيون إن عضوية أوكرانيا في "الناتو" لم تكن مطروحة قط للنقاش، لأن غالبية الأوكرانيين كانوا يعارضونها لكن ضم روسيا للقرم في مارس الماضي أثار قلق الحلف. ومنذ ضم القرم، زاد عدد طائرات الناتو المقاتلة في منطقة البلطيق ثلاثة أمثال. وتجري دبابات أميركية حاليا تدريبات في لاتفيا، وفي نوفمبر، قدمت استعراضا في شوارع ريجا كجزء من احتفال لاتفيا باستقلالها. وتشير استطلاعات للرأي أن أغلبية صغيرة في أوكرانيا تفضل الانضمام إلى الناتو. وقبل ضم القرم كانت معدلات التأييد للناتو تتراوح عادة بين20 و25 في المئة. _ _ __ _ _ مايكل بيرنباوم محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم.سي.تي. انترناشونال"