لعلها مصادفة غير سارة أن تعتقل الولايات المتحدة العشرات من المحتجين على وحشية الشرطة في شوارع نيويورك ومدن أميركية أخرى، وأن يقر الكونجرس الأميركي في الوقت نفسه مشروع قانون يفرض عقوبات على أعضاء من حكومة فنزويلا لارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان مزعومة في الاحتجاجات التي وقعت في وقت سابق هذا العام. وبينما اتهم الكونجرس الأميركي حكومة فنزويلا بشن حملة مشددة على المعارضة، عبرت جماعات من الأميركيين الأفارقة في أنحاء الولايات المتحدة عن غضبها بسبب قتل الشرطة لرجلين أسودين أعزلين من السلاح. وبينما كان المشرعون في الكونجرس ينتقدون مسؤولين فنزويليين لانتهاكاتهم المزعومة للأعراف الديمقراطية، كشفت دراسة صادرة عن لجنة استخباراتية في مجلس الشيوخ الأميركي عن عمليات تعذيب مارستها وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية (سي. آي. إيه). وتمخضت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في بلادي التي بدأت في فبراير عن مقتل أكثر من 40 شخصاً كثير منهم، إما من أنصار الحكومة أو من المارة الأبرياء. وعدد كبير من القتلى تسبب فيه المحتجون المناهضون للحكومة، الذين توسلوا بالعنف للإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطياً. وبدلاً من تنظيم احتجاجات قانونية وسلمية أقام المحتجون متاريس، وأحرقوا بعض المتاع لإغلاق الشوارع. وتحلت حكومتنا بضبط النفس وسمحت باستمرار هذه الاحتجاجات العنيفة لعدة شهور. وبذلت الحكومة كل ما في وسعها حتى تضمن ألا يعتقل أحد غير أولئك الذين انتهكوا القوانين مباشرة وعرضوا حياة الآخرين للخطر. وعلى سبيل المثال، كان من الحق أن يُعتقل المسؤولون عن حرق حافلات النقل العام باستخدام قنابل المولوتوف، أو الذين أضرموا النار في جامعة عامة كما اعتقل 17 من ضباط الأمن اتهموا باستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين، وهم ينتظرون المحاكمة. وفي نهاية المطاف سئم مواطنونا من هذه الاحتجاجات ومن أساليبها التي لم تتمخض إلا عن الفوضى وانعدام الأمن في الشوارع. وانحسرت الاضطرابات وفقدت المعارضة مصداقيتها. وفي نهاية المطاف استقال زعيم ائتلاف المعارضة، الذي يطلق عليه «طاولة الوحدة الديمقراطية»، بعد خلافات داخل التكتل. وبعد وفاة «شافيز» مرت بلادنا بمشكلات اقتصادية. وباعتباري رئيساً للبرلمان، ونائباً لرئيس «الحزب الاشتراكي المتحد» في فنزويلا الذي أسسه شافيز، عملت مع الرئيس نيكولاس مادورو للعثور على حلول واقعية. وكحل لمشكلة انخفاض أسعار النفط التي تمسك بتلابيب اقتصادنا، قلصنا الإنفاق العام بنحو 20 في المئة. لكننا لن نقلص التمويل لبرامجنا الاجتماعية الأساسية التي توفر الرعاية الطبية الأساسية والتعليم والحماية الاجتماعية لمواطنينا. ونتخذ أيضاً إجراءات لمكافحة التضخم، الذي ابتليت به أمتنا على مدار العامين الماضيين. ونتصدى لمشكلة تجارة الدولار في السوق السوداء التي تدمر نظامنا لتدوال العملات الأجنبية. وقبل شهور بسط «مادورو» يد السلام إلى إدارة أوباما بتعيين سفير للولايات المتحدة، ودعوة واشنطن كي تُعيّن سفيراً في فنزويلا. وعينني «مادورو» أيضاً على رأس لجنة رفيعة المستوى لإصلاح العلاقات مع الإدارة الأميركية. وحتى الآن لم يقبل أوباما سفيرنا ولم يعلن عن تعيين سفير من جانبه. ولم تبد واشنطن أي بادرة عن نيتها إجراء مناقشات مع اللجنة التي أترأسها. وفرض عقوبات على بلد لم يضر بالولايات المتحدة لا يمثل بحال من الأحوال تحركا نحو علاقة بناءة. ولطالما باء فرض عقوبات من جانب واحد على دول أخرى بالفشل كما أن غالبية المجتمع الدولي ترفضه في الغالب. حاولنا تحسين علاقتنا بإدارة أوباما لكننا لقينا صدوداً. ولايسعنا إلا التساؤل إذا كان توقيت هذه العقوبات محاولة لتشتيت الانتباه عن فضح انتهاك ضباط الأمن الأميركيين لحقوق الإنسان. ـ ــ ـ ــ ـ ديوسدادو كابيلو رئيس البرلمان الفنزويلي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»