الأيام القليلة الماضية، شهدت العديد من التطورات الاقتصادية العالمية المثيرة واللافتة للانتباه، أهمها التراجع السريع في أسعار النفط، والذي دفع الكثير من المحللين والخبراء الاقتصاديين إلى تغيير حساباتهم بشأن الاقتصاد العالمي، وأوجد ظروفاً كانت سبباً في تنامي الشكوك حول إمكانات وفرص الاستقرار الاقتصادي والمالي في العديد من الدول، وعلى رأسها الدول المنتجة للنفط. ورغم أن دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها أحد أهم منتجي ومصدري النفط في العالم، تأتي في هذا الإطار، لكن ما يتمتع به اقتصادها من إمكانات وقدرات مالية كبيرة، ساعدها على مقاومة الضغوط الناتجة عن تراجع أسعار النفط، تماماً كما مكّنها خلال السنوات الماضية من تحييد آثار الأزمة المالية العالمية والخروج منها بسرعة كبيرة. وفي إطار «ملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2015»، الذي نظمته «دائرة التنمية الاقتصادية» في دبي مؤخراً، وشارك فيه عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين الدوليين، ورغم كل تلك التغيرات والضغوط الاقتصادية العالمية، جاءت جميع التعقيبات التي أدلى بها الخبراء بشأن الوضع الاقتصادي للإمارات مبشرة للغاية، وقد قال «هيرالد فنجر»، نائب رئيس إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، خلال مشاركته في الملتقى، «إن الإمارات لديها تجربة جيدة في التعامل مع الأزمات، خصوصاً الأزمة المالية العالمية عام 2009، حين تمكنت من التعافي سريعاً من تأثيراتها، بفضل مبادرات وإصلاحات عدة، مكنتها من التحرك بصورة مثيرة للإعجاب». وكان لـ«صندوق النقد الدولي» تقرير أصدره في شهر أكتوبر الماضي، تضمن توقعات متفائلة حول أداء الاقتصاد الإماراتي، رجّح فيه أن تحافظ الإمارات على فائض في موازنتها الحكومية على مدى الأعوام الستة المقبلة، بمعدلات تتراوح بين 6.9% و10.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي الإطار نفسه، منحت وحدة «الإيكونوميست إنتليجانس يونت» تصنيفاً ائتمانياً سيادياً جيداً للإمارات، وقالت في تقرير حديث لها: «إن زخم التعافي الاقتصادي الكلي في الإمارات، وذلك الزخم في القطاعات غير النفطية بشكل خاص، الذي تواصل بقوة في عام 2014، والنجاح الظاهر في معالجة التزامات الدين على الشركات شبه الحكومية، ساعد الإمارات في الحفاظ على استقرار تصنيفها السيادي». وأكدت المؤسسة أن الإمارات تتمتع الآن بفائض صحي في الموازنة، ولديها دعم مالي قوي، تمثله الأصول الكبيرة لدى الصناديق السيادية التي تمتلكها. إن الصورة المغايرة التي يبدو عليها الاقتصاد الوطني الإماراتي، والتي تأتي مختلفة كثيراً عن المشهد الاقتصادي العالمي، الذي تملؤه الضبابية وتحيط به الكثير من الشكوك، ترجح أن يظل الاقتصاد الإماراتي بعيداً عن دائرة التهديد لفترة ليست بالقصيرة في المستقبل، خصوصاً في ظل ما تحتفظ به الإمارات أيضاً من إمكانات اقتصادية ومالية ذاتية. وما أشار إليه الخبراء الدوليون المشاركون في «ملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2015»، بشأن الخبرة التي اكتسبتها دولة الإمارات في التعامل مع الأزمات والضغوط الاقتصادية الخارجية، تزيد حظوظها وفرصها في تجنب الأزمات المستقبلية، التي يمكن أن تنتج عن استمرار تراجع أسعار النفط العالمية، بل من المرجح بقاء الإمارات ضمن الاقتصادات التي يعول عليها في تحفيز النمو الاقتصادي العالمي، وتحفيز التجارة والسياحة وجذب الاستثمارات العالمية مستقبلا، حتى في حال استمرار تنامي مظاهر عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي حول العالم. ـ ـ ــ ــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.