أثار الهجوم الإرهابي البغيض الذي قامت به جماعة «طالبان» الباكستانية ضد الأطفال الصغار من تلاميذ مدرسة يديرها الجيش الباكستاني في مدينة بيشاور، شمال غرب باكستان، والتي راح ضحيتها 148 تلميذاً ومدرساً، موجةً من التنديد والاستنكار في جميع دول العالم. إرهاب الجماعات الجهادية الإسلامية لا يفرق بين صغير وكبير، سواء أكان رجلا أم امرأة.. فهذه الجماعات تلجأ للقتل من أجل القتل ويتمتع قادتها بسفك الدماء وقتل الأبرياء من البشر. وهنا علينا أن نتساءل: إلى متى يظل مشايخ الدين وعلماء المسلمين على صمتهم حيال مثل هذا الممارسات؟ وأي إسلام هذا الذي يجيز قتل الأطفال والنساء والعجزة، لا لشيء سوى التعصب الأعمى وبغية ترويع الآمنين باسم الدين؟ الأديان السماوية كلها تدعو للخير والسلام والمحبة والتسامح واحترام إنسانية الإنسان. صحيح أنه في القرون الوسطى انتشرت الحروب الدينية وراح ضحيتها الآلاف من البشر.. لكننا اليوم نعيش في القرن الحادي والعشرين، وعيون العالم أجمع موجهة إلينا نحن العرب والمسلمين. فالإرهابيون العرب والمسلمون انتشرت خلاياهم في كل أرجاء المعمورة، ومارسوا أبشع الجرائم ضد البشرية، سواء في أستراليا أو أفريقيا أو أوروبا أو أميركا أو غيرها من بقاع العالم. نحن كمتابعين لم نعد نفهم ما يحدث، وقد بتنا عاجزين عن تفسير ظاهرة لجوء العرب والمسلمين للدول الغربية هرباً من اضطهاد أنظمتهم، وبحثاً عن الوظيفة والأمن والاستقرار، وقد قامت هذه الدول المتحضرة بتعليمهم وتوظيفهم وإشراكهم في الأحزاب والمؤسسات السياسية.. بينما نجد حالياً الجيل الثاني أو الثالث من هؤلاء المهاجرين يقومون بتفجير بلدانهم وينخرطون في العمل الجهادي في سوريا والعراق ويقتلون الأبرياء من الناس! ما هو التفسير لكل هذا العنف غير العقلاني؟ والمصيبة الكبرى أن هناك أنظمة عربية لا تزال تتصور بأنه يمكن احتواء ومعالجة قضية التطرف والغلو في الدين عبر تشكيل لجان حكومية تضم مشايخ دين يدعون للاعتدال والوسطية في الإسلام، متناسين بأن المشكلة ليست دينية بل سياسية ذات بعد اجتماعي واقتصادي يستغل فيها الدين لتحقيق أهداف سياسية تعود جذورها إلى تفشي ظاهرة الاستبداد والظلم بين الحكومات والأحزاب الدينية. لجوء الأنظمة العربية إلى معالجة ظاهرة التطرف والإرهاب إلى المنظور الأمني فقط، فاقم في المشكلة؛ فبدلا من الحوار والمصارحة والمكاشفة.. هناك بدائل كثيرة لاتباع المفهوم الأمني في محاربة الإرهاب، تتمثل في تشجيع الثقافة ونشر الفن والأدب والشعر والموسيقى والمسرح والسينما.. حتى نبعد الشباب عن العنف. مطلوب من علماء النفس والاجتماع العرب والمسلمين دراسة ظاهرة الانتحار السياسي.. ولماذا يلجأ المسلمون إلى قتل أنفسهم والناس الآخرين من الأبرياء أملا في دخول الجنة. هذه الظاهرة العنيفة موجودة في تراثنا مع جماعة الحشاشين، والذين كانوا يهيئون الانتحاريين لقتل أنفسهم وقتل الآخرين بعد تعاطيهم جرعات من المخدرات. جهاديو «داعش» و«طالبان» اليوم يتفاخرون ويكبّرون وهم ينحرون البشر أمام كاميرات العالم! فما الهدف إن لم يكن تشويه صورة الإسلام والمسلمين؟ مطلوب من الجميع التحرك للقضاء على ظاهرة الإرهاب الديني. د. شملان يوسف العيسى