هل اقتنع ليبرمان بعملية السلام أم أنه مجرد تبادل لأدوار مع نتنياهو في إطار رفضهما الجوهري المشترك للدولة الفلسطينية يظهر فيه ليبرمان كسياسي براجماتي غير عقائدي؟ في خضم الهجمة الفلسطينية المدعومة من دول الجامعة العربية في المجال الدبلوماسي نلاحظ ظاهرة تبادل الأدوار في معسكر الساسة الإسرائيليين المتطرفين، إنها ظاهرة تستحق التأمل ذلك أن نتنياهو زعيم «ليكود» وأفيجدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» كانا قد دخلا الانتخابات السابقة بقائمة موحدة تدليلاً على أن توجهاتهما واحدة في جوهرها. أما من ناحية الشكل الخارجي فقد كان نتنياهو يرفع شعار أنه موافق على إقامة دولة فلسطينية في حين كان يعمل بكل الطرق على سد الطريق أمام إقامتها سواء بمواصلة الاستيطان في الضفة والقدس أو بوضع العراقيل في عجلة المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة. هذا بينما كان الموقف التقليدي الذي اتخذه ليبرمان هو رفضه لقيام دولة فلسطينية، بل والدعوة إلى الترانسفير، أي ترحيل الفلسطينيين الموجودين على أراضيهم منذ عام 1948. لقد بلغ الترف بـ«ليبرمان» أنه كان يهدد منذ أيام حكومة «أولمرت» التي كان شريكاً فيها بأنه سينسحب منها إذا وافق أولمرت على تجميد الاستيطان. نتذكر آنذاك أن هذا كان شرطاً فلسطينياً لاستئناف المفاوضات. إذا تأملنا المشهد الراهن الذي أعلنت فيه السلطة الفلسطينية عزمها التوجه إلى مجلس الأمن لطلب التصويت على مشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية سنلاحظ قوة دفع هائلة نحو الخروج من الجمود. ذلك أن المجموعة العربية تؤيد المشروع بدليل إيفاد الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى لندن مع صائب عريقات ووزير الخارجية رياض المالكي لمقابلة كيري ومحاولة إقناعه بتأييد الطلب العربي بإنهاء الاحتلال خلال عامين أي في ديسمبر 2016. كذلك نلاحظ العزم الفرنسي على دفع المفاوضات، من خلال قرار دولي ينص على إجراء مفاوضات لمدة عامين في نفس الوقت نلاحظ مساراً ثالثاً يجمع بين المشروع الفلسطيني العربي وبين المشروع الفرنسي. فضلاً عن هذا نلاحظ التتابع في قرارات البرلمانات الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وبلوغ هذه الموجة ذروتها بطرح هذا الاعتراف للتصويت في البرلمان الأوروبي الموحد. لقد جاء هذا الإعصار الدبلوماسي مضاداً للتوجه المشترك عند نتنياهو وليبرمان الهادف إلى الحفاظ على الوضع القائم ومواصلة قضم أرض الضفة وممارسة عمليات القمع ضد الشعب الفلسطيني في القدس وربوع الضفة الغربية. دعونا نرى ظاهرة تبادل الأدوار بين نتنياهو وليبرمان لقد قال نتنياهو بعد لقائه كيري في روما يوم الثلاثاء إنه لن يقبل المحاولات الهادفة إلى فرض إجراءات أحادية الجانب على إسرائيل من خلال جدول زمني محدد في وقت ينتشر فيه الإرهاب الإسلامي، هذا في حين فاجأنا ليبرمان ببيان يقول فيه إن سياسة الرفض الإسرائيلي المستمرة لم تعد تصلح ولابد من تقديم مبادرة إسرائيلية بدلاً من الاكتفاء بردود الفعل على مبادرات الآخرين قيل إن ليبرمان يغازل معسكر الاعتدال في الساحة قبل الانتخابات المقررة في 17 مارس. ويبقى السؤال هل حقاً اقتنع ليبرمان بعملية السلام أم أنه مجرد تبادل لأدوار مع نتنياهو في إطار رفضهما الجوهري المشترك للدولة الفلسطينية يظهر فيه ليبرمان كسياسي براجماتي غير عقائدي؟ أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس