قال الدكتور فرانسيس فوكوياما، الأستاذ في «جامعة ستانفورد» الأميركية، «إن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدم مثالا للدولة التي تستفيد من ثرواتها لإسعاد شعبها وازدهارها»، وعبّر عن إعجابه وسعادته لوجوده في الإمارات، وما رآه من تطور كبير فيها. وكان ذلك ضمن مشاركته في «المنتدى الاستراتيجي العربي» الذي استضافته الإمارات مؤخراً، وهذه التصريحات لها أهمية كبيرة من زوايا عدة، فهي: أولا، تصدر عن أحد أهم المفكرين العالميين في عصرنا الحاضر، إذ إن فوكوياما هو مؤلف كتاب «نهاية التاريخ»، الذي يعد أحد أبرز وأهم الكتب التي صدرت على المستوى العالمي خلال العقود الأخيرة. أما الزاوية الثانية في هذا الإطار، فهي أن هذه التصريحات تصدر ضمن إحدى أهم الفعاليات الدولية الكبرى، وهو «المنتدى الاستراتيجي العربي»، الذي يمثل شبكة للتواصل بين الخبراء العالميين. فإلى جانب مشاركة فوكوياما، فقد شاركت فيه نخبة كبيرة من المفكرين والمثقفين على المستوى الدولي، منهم بول كروجمان الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، وسعوا خلاله إلى الوصول إلى فهم أفضل للتوجهات المستقبلية على صعيد المنطقة والعالم، في مختلف المجالات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وغيرها، ووضع رؤى مستقبلية للوصول إلى عالم أفضل. وتشمل الموضوعات التي ناقشها المنتدى هذا العام، مجموعة من أهم القضايا التي تشغل المفكرين على المستوى الدولي، وهي التغيرات الجارية على الخريطة الجيوسياسية ومناطق النزاعات والنزاعات المسلحة والإرهاب الدولي والتنافس الدولي على الموارد الطبيعية والقيادة العالمية، إضافة إلى أهم التوجهات الاقتصادية في 2015 والجغرافيا المتميزة لاستثمارات رأس المال والتكتلات التجارية وأسعار النفط وتحولات القوى الاقتصادية العالمية واتجاهات العملات والاحتياطي المالي العالمي. أما بالنسبة للزاوية الثالثة، فإن تأكيد كبار المفكرين العالميين حقيقة ما وصلت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة من إنجازات تنموية، وتأكيدهم كذلك تنامي دورها على المستويين الإقليمي والعالمي، يحمل دلالة على قدر كبير من الأهمية، خصوصاً أنه يأتي في فترة زمنية مليئة بالتغيرات والتبدلات على الساحة الدولية، إذ تشهد الفترة الزمنية التي نحن بصددها الآن صعوداً لقوى عالمية غير تقليدية، وعلى رأسها الصين والهند والبرازيل ومجموعة من الاقتصادات التي لم تكن ذات وزن كبير على الخريطة العالمية في العقود الماضية، وذِكر دولة الإمارات العربية المتحدة في خضم هذه التطورات، والتأكيدات المتواترة على تصاعد دورها، يعني أنها إحدى تلك القوى غير التقليدية الجديدة، ذات الدور المتصاعد على الساحة الدولية، وأنها ستواصل التقدم لتصدر المشهد على الساحة الإقليمية والاصطفاف إلى جانب القوى العالمية الكبرى أيضاً، مستفيدة مما لديها من موارد طبيعية وإمكانات اقتصادية ومن جهد أبنائها الذين تمكنوا من الاستثمار الأمثل لهذه الموارد والإمكانات، ووضعوا اسم بلدهم بين أكثر دول العالم تطوراً، وهم مؤهلون أيضاً للارتقاء ببلدهم إلى ما هو أفضل في المستقبل. وبخصوص الزاوية الرابعة والأخيرة، فمن دون شك فإن هذه المؤهلات هي التي سمحت لدولة الإمارات العربية المتحدة بلعب دور محوري في إحلال الأمن والاستقرار في العالم خلال الفترة الماضية، وباتت واحدة من القوى المؤثرة والفاعلة في حلحلة الأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عموماً والمنطقة العربية خصوصاً، سواء تعلق الأمر بالجوانب السياسية والأمنية، مع مشاركتها في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، أو تعلق بالجوانب الاقتصادية، خصوصاً فيما يتعلق بدورها كمنتج رئيسي للطاقة وكاقتصاد ناشئ يعول عليه في تحفيز النمو الاقتصادي العالمي. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية