إن إعلان «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم»، مؤخراً، بدء العمل بـ«مؤشر المعرفة» لمساعدة صنّاع القرار في الدول العربية على تشخيص المشكلات المتعلقة بنشر المعرفة وحلّها، يُعدّ إضافة نوعية لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال توظيف العلم والمعرفة في خدمة التنمية وأهدافها، حيث ستسهم هذه الآلية في بناء خريطة طريق تساعد صناع القرار في الدول العربية على تشخيص المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها. وقد جاء اهتمام الدولة بهذا الأمر من منطلق ضرورة وضع مؤشر عربي محدد في قياسه لحال المعرفة وواقعها من أجل تعزيز جهود التنمية المستدامة، وتوفير رصد دقيق لواقع المعرفة في العالم العربي بشكل سنوي، مع مراعاة خصوصيات المنطقة العربية ولكل دولة عربية على حدة. ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد بدأت الاهتمام الكبير بالعمل على إخراج مؤشر المعرفة إلى حيز الوجود تنفيذاً لسياسة الدولة بالتعاون مع «البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة»، إذ لا يمكن نشر المعرفة وتطويرها بعيداً عن مقاربات تطوير مستويات المعرفة عالمياً وإقليمياً، وأحد الأسباب الكامنة وراء الاتجاه نحو تطوير مؤشر للمعرفة يرجع إلى أهمية سد الفجوات التي تعترض الدول العربية عند مواجهة أزمات خطيرة، مثل مواجهة مشكلات وأزمات الفقر والبطالة وغيرها من المشكلات التنموية. ولا يتسنى تطوير مؤشر المعرفة سواء في العالم العربي أو في العالم أجمع، بعيداً عن الاهتمام بدور التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال الاجتماعي واستخداماتهما، انطلاقاً من القدرات الواسعة لها وتداخل دورها في مختلف مجالات الحياة. إن حيوية مؤشر المعرفة تأتي من الأهمية المتزايدة أيضاً لعنصر الوقت، خاصة مع ضرورة التكييف مع عصر العولمة الذي يتسم بالتداخل والتنوع والتعقيد في كل ما يواجه الإنسانية من مشكلات وأزمات، تقتضي من الباحث الموضوعي إيجاد مقاربات وحلول تتسم بالدقة وبمعرفة الصورة الكاملة للأزمات أو المشكلات. وتبرز أبعاد أخرى لم يعد بالإمكان تجاهلها أو إغفالها تخص أهمية الارتقاء بمستويات الجوانب الإنسانية كما يظهر جلياً في التقارير السنوية للتنمية البشرية، التي تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تبوؤ مواقع عليا فيها. كما أن هناك مسألة أخرى تعطي قيمة كبيرة لمؤشر المعرفة ترتبط بضرورة متابعة «قضايا العدل الاجتماعي» التي مازال الكثير من الدول النامية يعانيها، بينما توصلت الدول الصناعية المتقدمة إلى إيجاد حلول لها. ومن خلال هذا المؤشر تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التعامل معها، خاصة أن مشكلات الجيل الجديد من الشباب تحظى باهتمام متزايد من قبل الإمارات، لكونه يشكل شريحة حيوية وكبيرة من المجتمعات العربية، حيث تبرز مطالب واحتياجات متسارعة من الضروري تلبيتها ومراعاتها. إن مؤشر المعرفة هو إحدى الآليات التي ستمكن صنّاع القرار في المنطقة العربية من وضع خارطة طريق مستقبلية وتشخيص مشكلات الشباب بشكل ملائم بغية توفير حلول ناجعة لها، فالشباب في مجتمعاتنا ليسوا مجرد أرقام بل هم عماد الأوطان وعليهم تعلق الآمال الكبيرة، وقضايا الشباب تعد جزءاً من سلسلة طويلة ومعقدة من مشكلات وأزمات تقتضي توجيه الجهود الجماعية لحلها، عبر القيام بتشخيصها وفق مقاييس علمية بغية إيجاد حلول لها، الأمر الذي يقتضي توفير موازنات مالية مناسبة تخصصها الحكومات والقطاع الخاص، خاصة مع الأهمية المتصاعدة لضرورة الحصول على المزيد من «تسجيل براءات الاختراع». عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية