أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية مؤخراً تقريراً بتفاصيل أكثر من 190 حادثاً مرتبطاً بالطائرات بدون طيار والطائرات التجارية. ورداً على ذلك، تعهدت السيناتورة الديمقراطية «ديان فينشتاين»، من ولاية كاليفورنيا، بالدفع بتشريع من شأنه تضييق الخناق على الاستخدام التجاري للطائرات بدون طيار. وقد حظرت المديرية العامة للطيران المدني في الهند بالفعل استخدام الطائرات بدون طيار في البلاد -حتى لأغراض مدنية. وهناك مخاوف من أن يعرِّض انتشار الطائرات بدون طيار الرحلات الجوية للخطر ويتسبب في وقوع حوادث خطيرة. ويشعر الجيش الأميركي بقلق من أن يتم استخدام هذه الطائرات كأسلحة تطلق أوتوماتيكياً العبوات الناسفة التي قد تستهدف شخصاً بعينه بعد التعرف على ملامحه. إن حظر الطائرات بدون طيار لن يحل هذه المشاكل، بل قد يعطينا شعوراً زائفاً من الراحة وتأجيل مواجهة هذه المشكلة. وقبل عامين، أشرت في مقال لي إلى حاجتنا لتجهيز أنفسنا لـ«عصر الطائرات بدون طيار». والولايات المتحدة ليست وحدها هي التي تطور قدرات هذه الطائرات، بل تفعل ذلك أيضاً الحكومات الأخرى وبعض أصحاب الأعمال، وخاصة الصينيين منهم. وهذا ليس بالأمر السيئ، حيث إن هذه الطائرات لها استخدامات عديدة جيدة. وبداية، ليس هناك إجماع واضح على ماهية الطائرة بدون طيار. هل هي شيء يطير ويمكن التحكم فيه عن بُعد؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل يتعين على إدارة الطيران الفيدرالية أن تحظر أيضاً الطائرات النموذجية التي يتم التحكم فيها عن بُعد والهليكوبتر التي يركبها الهواة بسعادة وأمان منذ سنوات بعيدة؟ إن تصادم الطائرة بدون طيار الذي استشهدت به «فينشتاين» خلال جلسة استماع اللجنة التجارية بمجلس الشيوخ كسبب لضرورة تنظيم الرحلات التجارية لهذه الطائرات كان يتعلق بمجرد طائرة لعبة وردية اللون. ولكن، إذا كان يجب على الحكومة أن تضع القيود والعقوبات، فمن الجهة التي ستنفذها؟ هل ستشتري الشرطة طائرات بدون طيار عالية الأداء لإسقاط الطائرات بدون طيار غير القانونية؟ هل نستطيع الزج بالقوات الجوية لتفجير سرب من 300 «كوادكوبتر»؟ هل يجب تزويد حشود من الأطفال ببنادق الهواء؟ إن اقتراح القوانين دون وجود أمل حقيقي في تنفيذها لن يساعد على حل المشاكل. دعونا أولاً نعترف بأن الطائرات بدون طيار ستصبح شائعة في سمائنا وأنها ستلعب دوراً أساسياً في اقتصادنا ومجتمعنا. ونحن نعلم أن هذه الطائرات توفر المال وتحسن السلامة في العديد من أنواع التفتيش عن بُعد. كما يستخدمها مخرجو الأفلام الوثائقية للحصول على لقطات جوية ليست في متناول الطائرات العادية. وتحتاج بعض الأعمال التجارية أيضاً لهذا النوع من الطائرات لإيصال الإمدادات الطبية المهمة إلى المناطق النائية من العالم النامي. ويمكن استخدام هذه الطائرات كمركبات للشحن لمسافات طويلة، ما يتيح تسليماً أكثر كفاءة للبضائع والمواد. وبالطبع، هناك شركات مثل «جوجل» و«أمازون» تطور خدمات التوصيل عبر هذه الطائرات التي توفر تسليم البضائع المطلوبة في غضون ساعة، دون إرباك حركة المرور أو ضخ الكربون في الأجواء. فإذا كنا لن نحظر هذه الطائرات، فما الذي يجب علينا القيام به لتجهيزها وتوظيف قدراتها في التنمية الاقتصادية؟ يجب أن تكون هناك تكنولوجيا أساسية لتفادي الاصطدام. وهذه ليست مشكلة بسيطة، فكيف يمكن لطائرة بحجم صندوق الأحذية أن تحمل التقنية اللازمة لتفادي الاصطدام بمبنى أو شخص أو سيارة أو خط كهرباء أو ما هو أسوأ من ذلك، وهو أن تصطدم بطائرة تجارية. إن هذا يمثل تحدياً هندسياً مثيراً ويستحق التركيز من بعض أفضل العقول من المبدعين والمخترعين. ولنفترض أن لدينا أنظمة لتجنب الاصطدام، كيف يمكن بناء نظام لتوزيع مراقبة حركة الطائرات بدون طيار؟ من الواضح أن هذا النظام يجب أن يستند على تقنية يحركها الكمبيوتر أو تقنية ذاتية، وأن تتضمن إجراءات للسلامة وغيرها من التقنيات التي تضمن إسقاط الطائرة إذا كان فيها خلل أو كانت تشكل خطراً. وعلينا أيضاً التخطيط لوجود ممرات هوائية محددة في مناطق بالمدينة مخصصة للطائرات بدون طيار وحصر مسارات الطائرات بدون طيار في هذه المناطق. ومرة أخرى، هذا أيضاً يمثل تحدياً هندسياً، ولكن ليس من المستحيل التغلب عليه. ونحن أيضاً في حاجة لإنشاء أنظمة دفاع جوي تجارية وخاصة، كما يفعل الجيش، لحماية المدارس والمنازل والشركات من هجوم أو مراقبة الطائرات بدون طيار. ------- فيفيك وادوا زميل بمركز «روك» بجامعة ستانفورد ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»