أما وقد حدد البرلمان الإسرائيلي أي الكنيست موعد الانتخابات العامة المقبلة في السابع عشر من مارس 2015، فإن المشهد السياسي الإسرائيلي سيدخل في حالة نشاط شديد، هكذا هي العادة قبل كل انتخابات، فسنجد انتخابات داخل كل حزب هدفها أمرين الأول اختيار رئيس الحزب من بين متنافسين والثاني انتخاب قائمة المرشحين لعضوية البرلمان ووضع ترتيب لهم حسب شعبية كل منهم، أيضاً سنجد في العلاقات البينية أي القائمة بين الأحزاب حركة صاخبة حيث سينشق بعض الزعماء عن أحزابهم وينضمون لأحزاب أخرى، وحيث ستحاول بعض الأحزاب تشكيل قائمة موحدة تخوض الانتخابات وعادة ما يحدث هذا عندما تدل المؤشرات الشعبية على أن حزب معين يمكن أن يحصل على مقاعد أكثر في البرلمان إذا تحالف مع حزب آخر مقارب له في الاتجاه، شهدنا هذا في انتخابات 2013 عندما تحالف حزب "ليكود" بقيادة نتنياهو مع حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيجدو ليبرمان وحصلت القائمة المشتركة على 30 مقعداً مكنت نتنياهو من تشكيل الحكومة رغم أن نصيب ليكود وحده كان 18 مقعداً، إن نظام هذا النوع من التحالف لا يعني اندماج الحزبين المتحالفين، بل يبقى كل منهما محتفظاً بكيانه. كذلك سنشهد اعتباراً من الآن وكل أسبوع عدداً هائلاً من استطلاعات الرأي تدور حول قياس شعبية كل زعيم سياسي وحول قياس نصيب كل حزب من التأييد. أضف إلى كل هذا النشاط السياسي الداخلي وحملات الدعاية الحزبية، أمراً آخر شديد الأهمية، إنها الحملات الخارجية التي تقوم بها الأحزاب المتنافسة في دول أميركا وأوروبا لجذب تأييد الجاليات اليهودية فيها، إن هذه الجاليات قادرة على التأثير في الانتخابات الإسرائيلية من خلال التأثير على الأقارب في إسرائيل ومن خلال الدعم الذي تقدمه للأحزاب. أما العنصر الخارجي الأشد أهمية والذي يؤثر على الانتخابات فهو موقف الإدارة الأميركية وتفضيلاتها، مثلاً يُقال إن الانتخابات التي جرت بين إيهود باراك زعيم حزب "العمل" عام 1999 وبين زعيم "ليكود" وشهدت دعماً أميركياً من الرئيس كلينتون لباراك انتهى بفوزه ومشاركته في مفاوضات كامب ديفيد الثانية عام 2000. أما في هذه الانتخابات المقبلة، فلقد بدأت التسريبات في الصحف الإسرائيلية والمواقع الإخبارية تشير إلى أن الرئيس أوباما يفضل فوز شخصية أخرى غير نتنياهو بفرصة تشكيل الحكومة الجديدة بهدف دفع عملية السلام، إنني أعتقد شخصياً أن الإدارة الأميركية يمكن أن تدعم تحالفاً حزبياً جديداً بين اسحق هرتزوج رئيس حزب "العمل" وتسيبي لفني رئيسة حزب "الحركة"، ذلك أن هذين الشخصين معاً يمثلان خطاً سياسياً معتدلاً يمكن أن يحرك المفاوضات السلمية على عكس نتنياهو الذي جمدها. إن الولايات المتحدة تدرك أن تأجيج الطابع الديني للصراع العربي الإسرائيلي بقانون يهودية الدولة الذي يقوده نتنياهو سيشعل المشاعر الدينية لدى المسلمين بالإضافة للاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى، فهل ينجح أوباما في أمنيات الإطاحة بنتنياهو المتطرف؟