دأب المسؤولون الأميركيون في واشنطن وحول العالم على إصدار بيانات شبه يومية ينتقدون فيها سجلات حقوق الإنسان في الدول الأخرى. والأسبوع الماضي فحسب، طُلب من «ماري هارف» المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية أن تعلق على تقارير بشأن تنفيذ الشرطة في كينيا عمليات إعدام بلا محاكمات. وفي إجابتها، صرحت بأن الولايات المتحدة تحمل عمليات الإعدام التي بلا محاكمات، مثل هذه محمل الجد «في كل مكان في العالم وأيضاً في كينيا بالتأكيد.. ونحن نحث الحكومة الكينية على التحقيق بدقة في كل المزاعم التي أشارت إليها هذه التقارير». وربما لم يسعد نيروبي أن تخبرها واشنطن بما يتعين عليها فعله. لكن الدواء الذي كانت تصفه الولايات المتحدة للآخرين أصبح يوصف لها. وهذا ما حدث الأسبوع الماضي عندما أصدرت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة بياناً لاذعاً انتقد معاملة الأقليات في الولايات المتحدة. وبعد أن استعرض البيان عمليات القتل التي تمت على يد الشرطة لكل من «مايكل براون» وإريك جارنر، وما تلا ذلك من قرارات هيئات المحلفين بعدم توجيه اتهامات للضباط المتورطين، عبر الخبراء عن القلق العميق بشأن نمط أوسع نطاقاً لما يعتبره كثيرون »قتلاً غير قانوني وأمثلة إضافية على استخدام القوة القاتلة بشكل غير متناسب ضد الشبان الأميركيين الأفارقة. وصرحت «ريتا إيزاك» مقررة الأمم المتحدة الخاصة بشأن قضايا الأقليات في البيان قائلة: «إنني قلقة من قرارات هيئات المحلفين والأدلة المتضاربة فيما يبدو فيما يتعلق بالحادثتين». وأكدت «إيزاك» أن عملية المحاكمة يجب أن تضمن الأخذ في الاعتبار كل الأدلة بالتفصيل، وأن يتخذ العدل مجراه المناسب.. القرارات تجعل كثيرين من الناس تملأهم مخاوف مشروعة تتعلق بنمط من الإفلات من العقوبة عندما يكون ضحايا الإفراط في استخدام القوة أميركيين أفارقة أو أقليات أخرى. وذكرت «موتوما روتيري» مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بصور العنصرية المعاصرة أن الأميركيين الأفارقة ما زالوا أكثر عرضة للعقوبة في تنفيذ القانون الأميركي. وأضافت أن احتمالات أن يتعقب ضباط الشرطة الأميركيين الأفارقة بسبب انتهاكات صغيرة في قواعد السير أكبر بعشر مرات عما يحدث هذا إذا كان المنتهكون من البيض. ونصحت بأنه يتعين التخلص من مثل هذه الممارسات. وأدلت «ميريل فانون مينديز» رئيسة جماعة عمل من خبراء الأمم المتحدة معنية بالأشخاص ذوي الأصول الأفريقية بتصريح ساخط قائلة إن حادثتي براون وجارنر عززت فحسب «المخاوف التي كانت لدينا عن ذيوع التمييز العرقي القائم منذ فترة طويلة الذي يواجهه الأميركيون الأفارقة». وذهب كريستوف هاينز مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالإعدام التعسفي والاعتباطي وبلا محاكمات خطوة أبعد من هذا في الانتقاد وجادل بأن القوانين الأميركية تساعد على الاستخدام غير الملائم للقوة القاتلة. وأضاف: «قوانين الكثير من الولايات متهاونة كثيراً مما يخلق مناخاً لا توجد فيه قيود كافية على استخدام القوة». وطالب بعملية مراجعة شاملة لمثل هذه القوانين، وأيضاً مراجعة تسليح الشرطة وتدريبها. إلياس جرول: مساعد رئيس تحرير «فورين بوليسي» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»