سد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بعد اتفاق الرياض، الباب على كل الذين ساوموا وراهنوا على انفراط العقد الخليجي، واستخدموا المنابر المتعددة للإيقاع بين الدول الخليجية الشقيقة دون وجه حق. كما جاءت الزيارات والاتصالات الهاتفية الأخوية بين بعض قادة دول المجلس لتُنهي حقبة قصيرة من الاختلاف في وجهات النظر، ولتُعيد قاطرة التعاون إلى المسار الصحيح. وقد كان طالع أهل الخليج حسَناً عندما جمعت الرياض قادة دول المجلس في اجتماعهم التكميلي، كما جمعت الرياض أيضاً شعوب الخليج في دورة كأس الخليج لكرة القدم 22، التي توّج فيها المنتخب القطري في المرتبة الأولى ليحلَّ كأس الخليج في الدوحة كما سيحل قادة دول مجلس التعاون في بلدهم الثاني قطر خلال القمة. لقد كنا موقنين -منذ البداية- ومن خلال تجربتنا مع مجلس التعاون، التي امتدت لثلاثة وثلاثين عاماً، أن قدَر دول المجلس في التضامن والتعاون والوقوف معاً ضد أية محاولات للنَيل من المسيرة التي وثقت العلاقة بين شعوب الخليج ونظمت العديد من شؤون حياتها، كما قربت المواقف السياسية في المحافل الدولية. وأنه مهما حصلت بعض الاختلافات في وجهات النظر، فلابد أن تُحل ضمن الأطر المعروفة بعيداً عن التشنجات والتفسيرات والادعاءات التي لا تعود بالنفع على أبناء المجلس. ولذلك، لم ندخل أو نتدخل في شأنٍ له أصحابه ومتخصصوه، وكنا على الدوام نطالب بالتروِّي وضبط النفس، وقراءة الأحداث في صورتها الطبيعية. إن ما حصل في بداية عام 2014 يدعونا للتأمل قليلاً، لا أن نتسرع أو نقفز إلى النتائج. وقد يكون درساً مفيداً لمن تناول الموضوع في غير إطاره، وحافزاً للمثابرة على إدراك أهمية وجود المجلس قوياً مترابطاً متماسكاً. وأهمية دعم الشعوب لهذا المجلس، الذي آمنت به قدراً جميلاً يحتضن همومها وآمالها، وبنَتْ عليه الكثير من الآمال، وإن لم يتحقق بعضها. إن إصرار قادة دول المجلس على إبقاء هذا الكيان قوياً متماسكاً يدعونا إلى الأمل بأن قمة الدوحة ستُخرج المجلس أكثر نضجاً ومَنَعة! وتسد الباب أمام المغرضين والحاقدين الذين يتدخلون بين أبناء العمومة وأبناء الخؤولة، ويستوردون أفكاراً غريبة لا تصلح لمجتمع مجلس التعاون، وليست من ثقافة هذا المجتمع. ولقد شاهدنا اللعب النظيف والأخلاق العالية عند لاعبي منتخبات الخليج، وأُسعدَ الجمهور بلمحات فنية جديدة بواسطة لاعبين شباب يدخلون المنتخبات لأول مرة، أخذوا الاهتمام والتدريب والرعاية من قبل القائمين على الرياضة في دول المجلس، كما برز دور المشجعين بصورتهم الجديدة أيضاً دون تعصب أو تشنجات، ملتزمين بالنظام والتشجيع الإيجابي، مما حمّسَ اللاعبين وأضفى بهجة على المباريات. وبرز الإعلام الرياضي أيضاً على أحسن وجه باستخدام التكنولوجيا الحديثة، والمراسلين الشباب، والبرامج العديدة التي ساهمت في إنجاح دورة كأس الخليج. ونأمل أن نشاهد «لعباً» خليجياً شائقاً وجديداً في مضمار آخر هو السياسة، في قمة الدوحة، وبوجود لاعبين شباب، يُزيل ما علق بالمسيرة ويؤَطر لمستقبل جديد لمجلس التعاون، وبذلك تفوز قطر مرتين، مرة بكأس الخليج 22، ومرة بكأس الدورة 35 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وإذا كانت التصريحات الأخيرة في الصحافة الخليجية إثر زيارة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، للدوحة ولقائه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، قد بينت حرص الدولتين على دعم العمل الخليجي المشترك، وبما يعزز وحدته ويخدم مسيرته ويعمق روابط التعاون الأخوي بين دوله ويحقق الخير والتقدم والازدهار لشعوبه -كما جاء في الخبر الذي نشرته الصحافة القطرية يوم 29/11/2014- فإن شعوب الخليج تتطلع إلى مزيد من التلاحم والتقارب الأخوي بين دول مجلس التعاون، لأن قوة هذه الدول في اجتماعها وتعاونها لتحقيق المزيد من الإنجازات لشعوبها. ولقد ازدانت الدوحة -وقت كتابة هذا المقال- بأعلام دول مجلس التعاون وصور القادة الذين سيحلون ضيوفاً أعزاء على سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وشعب قطر الكريم. نقول أخيراً، إن تلاقي قادة دول المجلس وتحاورهم -مباشرة- في القضايا التي تهم بلدانهم من الأساسيات التي تقرّب وجهات النظر، وتخلق الأجواء المناسبة لتواصل علاقات راسخة عبر السنين، وتؤكد التاريخ المشترك، والتداخل الأسري الطبيعي لشعوب المنطقة، وتزيل أية منغصات قد تلحق بالمسيرة أو حتمية التاريخ المشترك والجوار الجغرافي والسكاني والموروث الحضاري المشترك لشعوب الخليج، وكذلك وحدة النظرة للتحديات التي تواجهها المنطقة عموماً. ونتطلع إلى قمة الدوحة بأمل كبير بأن تخرج بقرارات تصبّ في متانة البيت الخليجي، وتوطيد الأمن والاستقرار في الدول الأعضاء، كي تتفرغ هذه الدول لتحقيق مزيد من الرخاء لشعوب المجلس. وسنظل نردد: خليجنا واحد.