مسألة الهجرة ستبرز كموضوع أساسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة ليحتدم الصراع أكثر بين المرشحين «الجمهوريين» الذين سيكون عليهم إبداء مواقف معتدلة لاستمالة الناخبين ـ ـ ــ يطرح الغضب الناشئ عن القرار التنفيذي الذي أصدره أوباما حول الهجرة، والذي يحمي الملايين من المهاجرين غير الشرعيين من الترحيل، عدداً لا يستهان به من الإشكالات السياسية بالنسبة للرئيس، سواء تعلق الأمر بالمعوقات التشريعية التي من المتوقع أن يواجهها، أو التحديات القانونية التي سيضعها «الجمهوريون» في طريقه، أو حتى ردود الفعل السلبية من الرأي العام، بيد أن الأخطار لا تقتصر على الرئيس، بل تمتد أيضاً إلى «الجمهوريين» الذين سيجدون أنفسهم في وضع صعب بين مساندة قادتهم في الكونجرس للإصلاح الرئاسي الخاص بالهجرة، وبين الاستجابة لضغوط القواعد الحزبية الأكثر يمينية والأشد تمسكاً بالأطروحات المتطرفة، ما يعني أن المشهد السياسي قد يعيش على وقع انقسامات حادة بين أعضاء الحزب «الجمهوري» خلال السنة المقبلة ليطال ذلك الانتخابات الرئاسية في 2016. والحقيقة أن التقييم السياسي للقرار التنفيذي بات واضحاً اليوم، فمن جهة يؤيد معظم «الديمقراطيين» الخطوة الرئاسية، بل يجدون متعة خاصة في الغضب الذي أثارته في أوساط «الجمهوريين»، لكن من جهة أخرى، هناك «المحافظين» داخل الحزب «الجمهوري»، بالإضافة إلى المعتدلين الناقمين على أوباما، لأنه أحرجهم بوضعهم وجهاً لوجه مع اليمين الأكثر تشدداً، لذا ولمواجهة الحرج انبرى كل من «ميتش ماكونيل» و«جون بوينر»، وهما قادة «الجمهوريين» في الكونجرس، إلى اعتماد استراتيجية الغرض منها التخفيف من تداعيات القرار الرئاسي، مثل طرح قرارات تدين الرئيس، والتحجج بمبررات قضائية لصرف الانتباه عن القضية الأساسية للهجرة والتركيز على الجانب القانوني، وأيضاً النبش في مصادر تمويل مبادرة الرئيس حول الهجرة، ومع أن هذه الاستراتيجية قد تُدخل قادة «الجمهوريين» في صراع مرير مع اليمين المتشدد والمناهض جملة وتفصيلاً للهجرة، إلا أنها قد تنجح في المدى البعيد، وربما تؤدي إلى تعطيل القرار التنفيذي للرئيس أوباما. والسبب أن اليمين الأميركي لا يرضى بأقل من الإجراءات الصارمة، مثل ترحيل 11.5 مليون مهاجر الذين دخلوا الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية، ولأن المحافظين يفتقدون للأغلبية الضرورية لتعطيل فيتو أوباما في حال لم يصادق الكونجرس في المرة الأولى على مشروع القانون الرئاسي حول الهجرة، فسيكون على القادة الجمهوريين تفادي نزوعات اليمين بتعطيل عمل الحكومة، أو حتى البدء في إجراءات محاكمة الرئيس، وحتى في ظل تعزيز قوة رؤساء الكونجرس «الجمهوريين» في مجلسي الشيوخ والنواب، ما زالت الميول المناهضة للهجرة في أوساط القواعد الحزبية لـ«الجمهوريين» قوية ومؤثرة، ما يعني أن مسألة الهجرة ستبرز كموضوع أساسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة ليحتدم الصراع أكثر بين المرشحين الجمهوريين الذين سيكون عليهم إبداء مواقف معتدلة لاستمالة جمهور الناخبين العريض، وبين مطالب القواعد المتشددة. وتبقى الطريقة الوحيدة لتفادي كل هذه الصراعات، هي في بلورة قادة «الجمهوريين» لمشروع قانون بديل حول الهجرة يكون أكثر شمولية ومصداقية لمواجهة نظيره الذي طرحه أوباما. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»