لقد تبين أن فحص الدم الذي تقدمت به شركة أميركية عن وصولها للتشخيص المبكر في الكشف عن مرض الزهايمر، أدت إلى نتائج كارثية؛ فثلثي العينات التي زعمت فيه الشركة أن نتائج الفحص إيجابية تبين أنها إيجابية كاذبة. أما الثلث الباقي الذي زعم فيه أن الدماغ سيكون في وضعية طبيعية جيدة، سوى أن صاحبه عليه أن ينتظر دهراً قبل دخول ليل العمر وشتاء الحياة التي لا مهرب منها. وفي هذا تبدو الأبحاث الأنثروبولوجية أصدق من قال؛ إن المعمرين في القوقاز وجورجيا ومناطق الهونزا في باكستان وكشمير ومرتفعات الأنديز في البيرو أن الصحة العقلية خلفها اعتدال في الطعام، وعمل مستمر لسن متأخرة، وحضور اجتماعي عقلي فهو مصدر الحكمة ومتعة القصص والخبرة لبقية العائلة والعشيرة أن أرادوا النصيحة ومعرفة أخبار ما جرى. ويعلق في هذا السيد يورج بليش من مجلة المرآة الألمانية بكلمتين: فكر ولا تفحص. نحن نعلم أن محمد الناصر البالغ من العمر ثمانين عاماً قد تم ترشيحه لرئاسة البرلمان التونسي، وأن يوسف بن تاشفين خاض معركة الزلاقة على حدود البرتغال وهزم الفونسو السادس وعمره في الثمانين. كما نعلم عن بيكاسو أنه أنجز أفضل رسوماته وتزوج للمرة الثالثة، وهو في عمر الثمانين. أما «ليفنهوك»، فقد استمر ينظر في مجهره بمتعة، ولا يترك شيئاً من العالم المخفي إلا ودرسه. كما نعرف أن «نيلز بور» عالم الفيزياء الدانمركي كان يضع رسوماته النهائية حول البناء الذري وهو في عمر الثمانين. وقرأت قبل قليل عن الصحفي والمحلل والمؤرخ الألماني «بيتر شولاتور» أنه مات في عمر التسعين بعد أن كتب تسعين كتاباً وأكثر من 900 تحليل وتقرير من أرض المعارك وأماكن التوتر في العالم. ويلحقه في هذا العمر «ميشيل دبغي» جراح الأوعية في تكساس، حيث مارس إصلاح الأوعية الدموية حتى سن 99 ؟ والبدوي المصري الذي كتب تسعين كتاباً في الفلسفة، بما فيها سيرته الذاتية وعمر لما فوق التسعين سوى أنه تزوج، ولم يتزوج (صديقات)، كما نقرأ عن سنان المعماري العثماني الذي بنى معظم مساجد الإمبراطورية، أنه تزوج من جديد في عمر الثمانين وأنجب. وهكذا، فالشيخوخة صيرورة، وكل هؤلاء لم يخرفوا أو يصابوا بمرض الزهايمر، ولم يحتاجوا لأي فحص وتشخيص مبكر، لأنهم عاشوا الحياة بامتلاء، واستخدموا أدمغتهم بكفاءة.