في حديث خاص أدلى به «جيب بوش» حاكم ولاية فلوريدا السابق، إلى مجلس إدارة صحيفة «وول ستريت جورنال» خلال الأسبوع الماضي أكد أنه إذا قرر الترشح لرئاسيات 2016 فإنه لن يسعى للتودد إلى الناخبين «الجمهوريين» في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب كي لا ينفر عموم الناخبين، وذلك حتى لو أدى به الأمر إلى خسارة الانتخابات التمهيدية. وإذا كان «جيب بوش» قد أقر بأن مقاربته تلك القائمة على التواصل الأوسع مع الناخبين خارج نطاق محافظي الحزب «الجمهوري»، لن تكون عملية سهلة، وهي بالقطع لن تكون كذلك، فإن التجارب التاريخية لمرشحين آخرين فشلوا في التمرد على الكتلة المحافظة داخل الحزب «الجمهوري»، تؤكد تلك الصعوبة، بحيث لن يمدوه «المحافظون» بالدعم الضروري للمرور إلى الانتخابات الرئاسية. وللتدليل على صعوبة القطع من الكتلة المحافظة في الحزب «الجمهوري» يشير الاستراتيجيون في الحزب إلى مصير «ميت رومني»، الذي سعى إلى التقرب من «المحافظين» في انتخابات 2012 من خلال تبني مواقف متشددة من قضية الهجرة ودعوته الصريحة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، لكن رغم ذلك لم تنفعه أصوات «المحافظين»، فهو من جهة خسر الناخب اللاتيني، ومن جهة أخرى فشل في استمالة الناخب المحافظ الذي لم يغفر له مواقفه الأخرى. ويبدو أن «جيب بوش» يواجه مشكلة مماثلة، فهو وإنْ كان ينتمي إلى التيار المحافظ بسجل واضح في هذا السياق، إلا أنه برز في السنوات الأخيرة كسياسي منتقد لبعض مواقف «المحافظين» مثل اختلافه معهم في السياسة حول الهجرة وتأييده لتسوية الأوضاع القانونية لعدد من المهاجرين غير الشرعيين، كما أنه يساند مشروع قانون حول التعليم يفرض على المدارس الأميركية الالتزام بمعايير محددة ومتجانسة على الصعيد الفيدرالي، وهو الأمر الذي يرفضه «المحافظون» ويتوجسون منه باعتباره تدخلاً فيدرالياً في الشؤون التعليمية للولايات منفردة، ما يعني أن بوش سيجد نفسه في صراع مع «المحافظين» داخل الحزب حول أمور لن تنفعه في حملته الانتخابية، ولا تهم الأميركيين عموماً، ولأنه سينشغل بالرد على الخصوم لن يجد أمامه متسعاً من الوقت لبلورة سياسة اقتصادية فعالة ينتظرها جميع الناخبين، والنتيجة النهائية الخصم من رصيد الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية وإضعاف قدرته على المنافسة، ذلك أن أي انخراط في صراعات داخلية وتجييش للتيار المحافظ سيقوض قدرة المرشحين "الجمهوريين" على المواجهة وسيحبط محاولاتهم العودة إلى البيت الأبيض. ------ راميش بونورو باحث في المعهد السياسي بجامعة شيكاغو ------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»