كارتر: ثناء أوباما في انتظار دخول البنتاجون! «آشتون يتمتع بسجل من الخدمة الوظيفية يمتد لثلاثين عاماً، موظفاً حكومياً ومستشاراً وعالماً، وهو من أبرز قادتنا في مجال الأمن القومي». قال ذلك باراك أوباما خلال مؤتمر صحفي مصغر عقده الجمعة الماضي في البيت الأبيض ليعلن ترشيح «آشتون كارتر» لحقيبة الدفاع في إدارته، خلفاً لوزير الدفاع المستقيل تشاك هاجل، والذي يترك منصبه في لحظة مضطربة ووسط أوضاع أمنية عالمية عاصفة بالنسبة لواشنطن، لاسيما بسبب الحرب على تنظيم «داعش»، والخلاف المتصاعد بين الغرب وروسيا، وانتقال محور الارتكاز الأميركي إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ بغية التصدي لصعود القوة العسكرية الصينية هناك. هذه الملفات الأمنية والعسكرية المعقدة (وغيرها) سيجدها وزير الدفاع الأميركي الجديد على طاولة مكتبه بمبنى البنتاجون في أرلنغتون بولاية فيرجينيا. فمن هو آشتون كارتر؟ وماذا يملك من مزايا ومؤهلات لتنفيذ استراتيجية واشنطن على المستوى العالمي ولإدارة ملفات الأمن القومي الأميركي، داخلياً وخارجياً؟ آشتون كارتر، أكاديمي أميركي مختص في الفيزياء النظرية، مهتم بتقنيات التسلح واستراتيجيات الأمن القومي، وقد شغل مواقع رسمية عديدة ذات صلة بقضايا التسلح والأمن، وكان الرجل الثاني في وزارة الدفاع الأميركية حتى ديسمبر الماضي، حين أكمل الخدمة وتفرغ لعمله الأكاديمي، قبل أن يستدعيه أوباما مجدداً ليحل محل «هاجل»، كرابع وزير دفاع خلال الإدارة الحالية. وقد ولد آشتون كارتر في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا عام 1954 لوالديه ويليام كارتر (طبيب أعصاب في القوات البحرية) وآن بالدوين، وأنهى تعليمه الثانوي في مدينة أبينغتون بولاية بنسلفانيا عام 1972، وحصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء من جامعة ييل عام 1976، ومن بعد على درجة الدكتوراه في الفيزياء النظرية من جامعة أكسفورد عام 1979. ثم درّس في جامعتي أكسفورد وروكفلر، كما درّس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وعمل باحثاً في شركة بروكهافن للبحوث التجريبية ومختبر فيرمي الوطني. وفي عام 1990 أصبح مديراً لمركز العلوم والشؤون الدولية بكلية «جون ف. كينيدي» للعلوم بجامعة هارفارد. وخلال الفترة الرئاسية الأولى لبيل كلينتون، عُين كارتر في عام 1993 مساعداً لوزير الدفاع لسياسة الأمن الدولي، وكان مسؤولا عن السياسة المتعلقة بجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في مجال الشؤون الاستراتيجية والقضايا النووية، وشملت مسؤولياته: مواجهة أسلحة الدمار الشامل في سائر أنحاء العالم، والإشراف على برامج الدفاع الأميركية، وإدارة الترسانة النووية والصاروخية للولايات المتحدة، وتنفيذ السياسة الأميركية بشأن أسلحة الدمار الشامل في جمهوريات الاتحاد السوفييتي المنهار.. وكان له دور أساسي في إزالة الأسلحة النووية من أراضي أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا، وفي تنفيذ برنامج بمليارات الدولارات لدعم القضاء على الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية في تلك الجمهوريات، بما في ذلك إزالة السرية عن اليورانيوم عالي التخصيب في كازاخستان ضمن عملية «مشروع الياقوت». وشارك كارتر في إدارة الأزمة بشأن برنامج كوريا الشمالية للأسلحة النووية عام 1994، كما أشرف على إصلاح ضوابط تصدير التقنيات الأميركية. وبعد مغادرته البنتاجون عام 1996 ظل كارتر عضواً في مجلس علوم الدفاع، ومجلس السياسات الدفاعية، وفي الهيئات الاستشارية الرئيسية لوزارة الدفاع. وخلال إدارة بوش، وكان عضواً في المجلس الاستشاري حول الأمن الدولي بمكتب وزيرة الخارجية في حينه كوندوليزا رايس، ورئيساً مشاركاً للفريق الاستشاري لدى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ومستشاراً لمجلس علوم الدفاع، وعضواً في فريق الدفاع الصاروخي الوطني بالبيت الأبيض، وعضواً في الأكاديمية الوطنية للعلوم، وفي لجنة الأمن الدولي والحد من التسلح، كما انتخب زميلا للأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم، وعضو مجلس العلاقات الخارجية. وكان آشتون كارتر على علاقة وثيقة بشركات التكنولوجيا العسكرية، حيث خدم في مجالس إدارة هيئات علمية وبحثية غير ربحية، مثل شركة «مايتر» للنظم التقنية، ومؤسسة «نظم مايترتك»، و«مختبر لينكولون» في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومختبر شركة «درابر».. وهي هيئات مرتبطة بوزارة الدفاع وبعض الجهات الحكومية الأمنية الأخرى. وخلال الفترة الرئاسية الثانية لإدارة بوش، عُين كارتر، في أبريل 2009، وكيلا لوزارة الدفاع لاقتناء التكنولوجيا وتأمين الخدمات اللوجستية، فكان المسؤول عن شراء جميع التقنيات والنظم والخدمات، واللوازم والبنى التحتية والطاقة والبيئة.. بميزانية تتجاوز 50 مليار دولار سنوياً. وظل في هذا المنصب حتى أكتوبر 2011، حين تولى منصب الرئيس التنفيذي للعمليات في وزارة الدفاع، وكان يدير ميزانية تتجاوز 600 مليار دولار سنوياً، ويشرف على 2.4 مليون من الأفراد المدنيين والعسكريين. وعلاوة على مهاراته الميدانية، الإدارية والقيادية، فإن كارتر باحثا ومؤلفا من الطراز الرفيع، إذ صدر له حتى الآن 11 كتاباً وأكثر من 100 مقالة في موضوعات تشمل الفيزياء والتكنولوجيا والإدارة والأمن الوطني والتسلح النووي. وعلى ضوء تجربته الطويلة في البنتاجون وفي التعاطي مع قضايا الدفاع والأمن والتسلح النووي.. يعود كارتر إلى المبنى خماسي الأضلاع في أبينغتون كرابع وزير للدفاع في عهد أوباما، على أمل أن يقر الكونجرس تعيينه في المنصب. ورغم معرفته الجيدة بمعظم الملفات المهمة، ورغم أن الكونجرس أقر بالإجماع تعيينه في منصبيه السابقين (عام 2009 و2011)، فثمة حقيقتين حول آشتون كارتر قد تذكيان اعتراضات الجمهوريين المهيمنين هذه المرة على مجلسي الكونجرس؛ أولاهما كونه لم يشارك في أي حرب خلافاً لسلفه هاجل، وثانيهما كونه عضوا نشطا في الحزب الديمقراطي الذي يتهم الجمهوريون سياساته بالتسبب في ضياع هيبة أميركا خارجياً. وهم في ذلك يختلفون مع أوباما إذ يثني كثيراً على خصال وإمكانات وزير دفاعه الجديد! محمد ولد المنى